-خاص الهديل-
من أمام بكركي ذهب جبران باسيل في اخر نوبات الأنا السياسية المتضخمة لديه، إلى حد الاقتراب من اعلان نفسه انه مسيح العصر الذي يحمي بالشهادة المسيحيين فيما كل الآخرين هم بعيدين عن حقيقة المسيحية التي شهد لها المسيح.
يدعو باسيل لنوع من "السلفية المسيحية" التي من الصعب إيجاد سياق منطقي لها داخل الروحية المتسامحة لتعاليم السيد المسيح. ومع ذلك فإن باسيل مفتوح في هذه الفترة على تجريب كل شيء يؤدي إلى إخراجه من "مأساة اللامقبولية" الشعبية والداخلية والخارجية التي يعاني منها.
وعلى نحو مرضي يحاول باسيل البحث عن رموز ذات قيمة واجهت عبر التاريخ، حالات عزلة، ليقول ان حالته شبيهة بحالة هؤلاء.
وآخر ما خرج به باسيل على هذا الصعيد هو ان يرى تلميحا ان ما يحدث معه الآن حدث مع المسيح الذي اختار درب الجلجلة، وبالتالي فإن باسيل يقدم نفسه على أنه قرر السير بالدرب الصعب لمنع "ابادة المسيحيين"، والحفاظ على وجودهم، وأنه يدفع ثمن هذه المواقف البطلة والمضحية، الخ..
حتى نهاية عهد الرئيس عون، سوف يكون على لبنان ان يعتاد على مشهدين سورياليين مضحكين – مبكيين، وقوامهما: تصريحات باسيل من ناحية ومغامرات القاضية غادة عون من ناحية ثانية.
وثمة مشهد ثالث يشكل الخلفية لكل هذه المآساة، ولكنه سيصبح منسيا، وهو مشهد جوع الشعب اللبناني.
وعدا هذه المشاهد الثلاثة، فإن لبنان سيكون في حالة شلل، حيث لن يكون هناك لا حراك سياسي فيه، ولا حراك اقتصادي، ولا حتى حراك خارجي باتجاهه لمساعدته على حل ازمته.
ورغم أن النتيجة لهذا الجنون السياسي الممارس من قبل العهد وباسيل، معروفة سلفا، وهي انتحار هذا المشروع مع كلفة عالية يدفعها البلد .. فلبنان اختبر العونية السياسية قبيل الطائف، وبالاخص المسيحيون يعرفون كلفة المغامرات العونية عليهم. والمشكلة اليوم تقع في أن كل اللبنانيين يشاهدون ما هو قادم من أذى للبنان بفعل نية العهد تكرار مغامرات الانتحار السياسي، ومع ذلك لا يستطيع أحد فعل شيء لوقف هذا التسونامي الجحيمي العوني الجديد ..
في تاريخ المسيحية الكثير من صور المسيح الدجال التي تلبس ثياب الحقيقة لتخبأ وراءها غايتها الشخصية، ولكن المشكلة الآن كما تراها الفاتيكان وكما يراها مسيحيو لبنان، لا تكمن في مطاردة ادعاءات باسيل المضطربة، ولا بمتابعة استمرار ارتقاء جنسه البشري بدفع من عمه (بيي الكل)، بل تكمن في أن المسيحيين باتوا يخشون ان يقوم الجنرال ميشال عون في نهاية ولايته الرئاسية، بتكرار أحداث حرب الإلغاء العونية ضد كل خصومه المسيحيين الذين باتوا اليوم يمثلون فوق ال ٧٠ بالمئة من المجتمع المسيحي السياسي والشعبي والأهلي.
واضح ان الرئيس عون، و من خلال عصا غادة عون، وان جبران باسيل ومن خلال تصريحاته التي تذكر بالغزوات الصليبية والتي تخدش رزانة المسيحيين قبل المسلمين، والتي تكرر مشاهد من قصص المسيح الدجال واضح ان هذه الوقائع ستقود لبنان في نهاية عهد عون إلى انزلاقات أمنية وسياسية خطرة جدا، وذلك على نحو يصبح الجوع ليس هو التحدي الكبير الوحيد الذي يواجه البلد، بل إلى جانبه ومعه هناك تحدي خطر الجنون السياسي لفريق يعتبر أن هدف الوصول للسلطة والبقاء فيها يبرر كل الوسائل !