-خاص الهديل –
بعد ان أقتربت عملية الترشح للانتخابات النيابية من لحظة إقفال أبواب الترشح عند منتصف ليل اليوم، صار يمكن لحد بعيد استخلاص عدة استنتاجات رئيسة تتعلق بأهم الملامح السياسية التي ستطبع هذه الانتخابات، وصار من الممكن ايضا، استشراف أجوبة على سؤال مطروح بإلحاح، وهو لماذا عزف كل أعضاء نادي رؤساء الحكومات السنة عن الترشح لانتخابات أيار ٢٠٢٢؟. :
هناك عدة اجوبة متداولة عن هذا السؤال، وجميعها تبدأ مقاربة مجمل هذا الموضوع على الشكل التالي:
قد تمتاز انتخابات أيار ٢٠٢٢ عن سابقاتها بميزة ان أحدا من أعضاء نادي رؤساء الحكومة السنة، لم يترشح لهذه الانتخابات.
.. فبعد أن فتح سعد الحريري باب خروجه ترشحا ومشاركة من هذه الانتخابات ومن العمل السياسي مؤقتا، أعلن تمام سلام وفؤاد السنيورة ومؤخرا نجيب ميقاتي عدم مشاركتهم في انتخابات أيار.
وقال تمام سلام ونجيب ميقاتي، الكلام ذاته تقريبا بخصوص سبب عدم ترشحهما، وهو إفساح المجال أمام الشباب والدم الجديد . اما فؤاد السنيورة، فهو غير مرشح ، ولكنه سيشارك من خلال دعم لوائح سنية ، والمساهمة في تشكيلها.
والواقع أن عدم مشاركة رؤساء الحكومة السنة بانتخابات أيار، له سبب آخر غير الذي قاله الحريري، وغير الذي قاله السنيورة اوميقاتي او سلام..
.. ويتمثل هذا السبب الرئيسي والحقيقي بان طبقة زعامة السنة في لبنان، لا تجد ان هناك ” دورا لها في الحل” ( حل أزمة لبنان ) ، بل تجد ان ما هو مطروح عليها خارجيا وداخليا هو ” دور في المواجهة”، والسبب في ذلك ليس رغبة الخارج بالمواطنة، بل لانه بات هناك قناعة خارجية بالاخص تفيد بأنه لم يعد هناك امكانية لإيجاد حل وتسوية في ظل استمرار معطيات الوضع اللبناني الداخلي على حالها، ولذلك فان المطلوب قوى مستعدة للمواجهة السياسية حتى يمكن الحديث عن توصل لتسوية سياسية داخلية بعد تغير موازين القوى داخل بلد الأرز.
وهناك أمر آخر ربما يكون جعل اعضاء نادي رؤساء الحكومات السنة يبتعدون عن الترشح للانتخابات، وهو ان عزوف الحريري عن العمل السياسي في توقيت استعداد البلد لإجراء الانتخابات، خلق أسئلة داخل طبقة الرؤساء السنة حول إمكانية ان تخوض الطاىفة السنية انتخابات من دون مشاركة أكبر حزب سياسي سني فيها ، وهو تيار المستقبل، وفي ظل عزوف ألزعيم السني الذي يقود حزب السنة السياسي الاول في لبنان ؛ والذي لا يزال أيضا يعتبر الاكثر تمثيلا في طائفته،
والواقع أن كل واحدة من هذه الشخصيات السنية المنتمية لنادي رؤساء الحكومات السابقين ، اعتبرت انه بمجرد ترشحها للانتخابات النيابية فإنها بذلك توحي بأنها تطرح نفسها لخلافة زعامة الحريري ، أو هكذا سيتم النظر إليها والى ترشيحها في الداخل والخارج.
.. وما يجري هو أن أحدا من شخصيات نادي الرؤساء السنة، لا يريد أن يدخل في دائرة هذا الإيحاء عن نفسه، وذلك لأن معركة خلافة سعد الحريري ليست موجودة ، كون سعد الحريري لم يقل انا استقال من العمل السياسي، بل قال انه عزف بشكل مؤقت . وبالتالي فان من يطرح نفسه خليفة لسعد الحريري في زعامة السنة، من رؤساء الحكومات السنة ، فهو بذلك، وتلقائيا، يعرض نفسه لان يتلقى تهمة التخوين ( اي انه قام بخيانة سعد الحريري) من قبل اهم بيئتين شعبيتين داخل الساحة السنة يحتاجهما اي شخصية تريد زعامة السنة ، وهما حزب المستقبل وجمهور الحريري.
وهذا المعطى الخاص بواقع الساحة السنية ، هو الذي جعل السنيورة يقرر خوض نصف تجربة سياسية في مقاربة نفوذه داخل الساحة السنية بعد ابتعاد الحريري ، فهو لا يطرح نفسه مرشحا للانتخابات ، لا في بيروت ولا في صيدا، بل هو يطرح نفسه بحذر بأنه سيكون قارع جرس إنذار عن ذهاب السنة لمقاطعة الانتخابات ، وبأنه سيكون من ناحية ثانية مهندس لوائح سنية يدعمها ويهندس أسمائها في دوائر الانتخابات اللبنانية ، وخاصة في بيروت العاصمة ومقر الزعامة السياسية للسنة .
ان فؤاد السنيورة في أغلب الظن يعتبر ان الشخصية السنية التي تبدي انها تستطيع أن تقنع السنة بالمشاركة في الانتخابات، بمقابل ان سعد الحريري دعا او يفضل المقاطعة، ومن تستطيع أن تهندس لوائح انتخابات السنة انطلاقا من بيروت الى كل لبنان ، فهي ستكون بعد اجراء الانتخابات وبشكل تلقائي هي زعيمة السنة في كل لبنان وهي خليفة لزعامة سعد الحريري ايضا.
غير أنه هناك رأي آخر يقول ان السنيورة لن ينجح في تنفيذ خطته هذه ، لأنه لن يستطيع إرث زعامة الحريرية السنية والوطنية ، بل إن تشكل الصيغة الجديدة لزعامة السنة مرجح انها ستتبلور من داخل بيت الحريري، من خلال حصول تسونامي سني انتخابي غير واضح الملامح بعد وسيحصل في ربع الساعة الأخيرة من حصول الانتخابات.