خاص الهديل:
كان منتظراً حدوث الاشتباك السياسي على خلفية اضطرار حكومة تصريف الأعمال لعقد جلسة للبت بحاجات الناس الملحة كما قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
..فحتى قبل أن يخرج عون من قصر بعبدا، كان التيار الوطني الحر أعلن أنه لا يعترف اصلاً بمعادلة أن تقوم حكومة تصريف الأعمال بمهام الحكم في البلد خلال الفترة الانتقالية ما بين خروج الرئيس من بعبدا ودخول رئيس جديد منتخب إلى قصر بعبدا.
وكان الرئيس ميشال عون قال من الدوحة أنه لا يمكن تسليم البلد إلا لحكومة طبيعية (يقصد حكومة اصيلة وليس حكومة تصريف اعمال).. وكان تكهن الكثيرون حينها أن الجنرال ميشال عون قد “يفعلها”؛ بمعنى انه قد يبقى في بعبدا حتى بعد انتهاء ولايته تحت عنوان أنه لن يخرج إلا إذا تم انتخاب رئيس جمهورية جديد، وأنه لن يسلم الحكم لحكومة تصريف اعمال؛ وأنه استدراكاً لن يسلم البلد – كما قال الإعلام البرتقالي حينها – إلى جنبلاط وبري وميقاتي الذين اعتبرهم أنهم من منظومة الفساد!!.
ولكن يبدو أن تهديد عون بعدم تسليم البلد لحكومة تصريف الأعمال. تم وضعها تحت عناية التدقيق بنتائجها آنذاك، وتبين لعون ولباسيل أن هذه الخطوة سترتد سلباً عليهما، وانه من الأفضل عدم الدخول في هذه اللعبة الخطرة. أما الأسباب التي ظهرت للعم وللصهر حينها، وجعلتهم يعودون عن التفكير بقرار بقاء عون في القصر بعد انتهاء ولايته، فكانت – بحسب مصدر مطلع – التالية:
أولاً – وجود رفض دولي لإيجاد منطق يقول انه في حال حصل شغور في الرئاسة الاولى فيتعين عدم تفعيل الرئاسة الثالثة (أي الحكومة) بغض النظر عن صفة الحكومة.
ويقال في هذا المجال أنه عشية خروج عون من قصر بعبدا، كانت واشنطن مشجعة لفكرة تعويم حكومة ميقاتي، وجعلها حكومة أصيلة بدل كونها حكومة تصريف اعمال، وأن تقوم الحكومة بإدارة البلد في فترة الشغور الرئاسة الأولى كما يتوقع الجميع.
ونقل عن مصدر اميركي رسمي قوله أن واشنطن ترى أنه إذا وضعت بين مفاضلة حكومة أو رئيس جمهورية، فإنها تجد أن وجود حكومة فاعلة افضل من انتخاب رئيس جمهورية؛ ولكن طبعاً لا تريد واشنطن وضعها أمام هكذا خيار.
ويضيف المصدر عينه: .. ولكن أميركا ترى أنه يجب أن تعمل الحكومة في ظل غياب رئيس الجمهورية بسبب أزمة انتخابه.. وأنها تفضل حكومة مع عدم رئيس جمهورية على عدم وجود حكومة مع غياب أو وجود رئيس جمهورية..
ثانياً- لقد لاحظ العم والصهر حينها أن تصعيد الموقف ضد الرئاسة الثالثة قد يأخذهما الى أزمة مع العرب؛ وهو أمر لا يريده باسيل الذي لا يزال يراهن على فتح كوة في جدار أزمة علاقاته مع العرب؛ وسبب ذلك أن باسيل يفضل أن يبقى لديه شعرة معاوية مع الفضاء العربي، كونه لم يقطع الأمل بالتوصل إلى صفقة قوامها: “رفع العقوبات الأميركية عنه وترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية”؛ وهذا السيناريو يحتم عليه عدم الصدام مع العرب، وعدم إظهار نفسه داخل صورة أنه يقود الموارنة للصدام مع السنة في لبنان.
.. والسؤال اليوم هو: هل لا تزال هذه المعادلة هي التي تتحكم بمواقف باسيل، أم أنه قرر اتباع إستراتيجية الصدام مع المؤسسة الرئاسية السنية الثالثة، بعدما ايقن أن العقوبات باقية، وأن من الأفضل له رفع شعارات شعبوية تضمن له بقاء حيثية شعبية في الشارع المسيحي.