خاص الهديل:
بقلم: ناصر شرارة
كلما ابتعد الوضع أكثر في قطاع غزة عن لحظة النجاح بوقف الحرب هناك؛ كلما أصبح الوضع هنا في لبنان أكثر قابلية للإنزلاق إلى حرب شاملة مع إسرائيل؛ وأيضاً كلما أصبح الوضع اللبناني الداخلي وضعاً انتظارياً بالكامل..
بجردة سريعة لمستقبل البلد وذلك كما يبدو من ثقب الوضع المستعصي في حرب غزة، تظهر على نحو جلي الوقائع التالية:
صار من الواضح أنه لا وقف للمواجهات العسكرية الجارية على حدود لبنان الجنوبية مع إسرائيل، وصار واضحاً أيضاً أن مؤشر المواجهات هو تصاعدي ويتجه بسرعة نحو أن يصبح إنفجاراً عسكرياً؛ وفيما لو استمرت حرب غزة من دون حل – كما هو متوقع ومرجح – فإن هذا يعني أن الوضع في جنوب لبنان كما هو متوقع ومرجح ذاهب في واحد من اتجاهين إثنين لا ثالث لهما: إما استمرار الموجهات العسكرية المتصاعدة من دون تحولها لحرب شاملة وذلك بأفق زمني أقله إلى ما بعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية.. وإما حصول حدث سياسي أو عسكري دراماتيكي ينقل الوضع في جنوب لبنان إلى حرب شاملة وذلك خلال الفترة التي تفصل العالم عن لحظة إجراء الإنتخابات الأميركية.
.. والسؤال حالياً لم يعد متى ستتوقف المواجهات العسكرية في جنوب لبنان؛ لأن الجواب صار محسوماً ومفاده: “بعد حرب غزة”؛ وإذا كان كل التوقع بالنسبة لمستقبل الحرب في غزة يتحدث عن ترحيل مشروع وقف النار إلى ما بعد الإنتخابات الأميركية، فهذا يعني أيضاً واستتباعاً أنه سيتم ترحيل وقف النار في جنوب لبنان إلى ما بعد الإنتخابات الأميركية؛ وعليه سيصبح السؤال المنطقي منذ الآن وصاعداً هو ماذا سيتغير بالنسبة لحرب غزة وبالنسبة لجبهة جنوب لبنان في حال وصل ترامب الرئاسة أو في حال بدأ بايدن ولاية رئاسية ثانية؟؟.
هناك مصطلح يمكن سماعه داخل أوساط متابعة لوضع حرب غزة وشقيقتها اللبنانية؛ ومفاده أن ترامب في ولايته الثانية – فيما لو وصل إلى البيت الأبيض – لن يكون هو ذاته ترامب كما عرفناه في ولايته الرئاسية السابقة؛ فهو لن يصب الزيت على نار الحرائق التي نشبت في عهد بايدن؛ بل سيعمد إلى إطفائها وذلك حتى يبدو أنه يقود أميركا ضمن أسلوب إنساني عكس بايدن المتهم بدعم مجرمي الحرب؛ وهذه الصورة الإنسانية تفيد ترامب لمحو صورته كمطلوب للقضاء بعشرات القضايا.. كما أن ترامب سيغير مسار مقاربة أميركا لأحداث العالم، وذلك ضمن منهجية الحصول على أثمان وعقد صفقات سياسية ومالية، الخ..
وهذه المرة بحسب المتوقع فان ترامب سيهتم بالاتفاق النووي مع إيران من زاوية إعادة بناء العلاقة الأميركية مع طهران على أسس جديدة مصلحية.
باختصار يقولون أن ترامب سيظهر بنسخة جديدة؛ ولكن لا يمكن توقع ما هي كل ملامحها، نظراً لأن الرجل هو من نوع الشخصيات التي لا يمكن توقع تصرفاتها.. ولكن الجزء الذي سيظل ثابتاً في ملامحه هو الجزء الذي يؤشر إليه على أنه رجل صفقات..
إن العودة لمعادلة إقامة مشاكل العالم بين حدي عودة ترامب وذهاب بايدن، أو بقاء الأخير وعودة الأول، سوف يكون لها نتائج سيئة جداً على أزمات العالم؛ كونها ستُدخلها في حالة انتظارية؛ كما ستُدخل حروب العالم من أوكرانيا إلى غزة مروراً بالسودان (الخ..)، في مرحلة من الاستنزاف؛ وأخطر ما يتم التنبيه منه في هذه اللحظة، هو أن يتحول هذا الفراغ على مستوى القرار العالمي وهذا الاستعصاء على مستوى وقف الحرب وإنهاء الأزمات، إلى حالة فوضى عالمية يحدث خلالها تفلت للضبط فوق الساحات الواقعة تحت أزمات سياسية أو حروب؛ وذلك من لبنان إلى أوكرانيا مروراً بغزة وبدول عدة في العالم!!
.. وعليه؛ فإن قصارى القول هو أن كل الخشية خلال مرحلة الشهور السبعة القادمة تتلخص بعنوان: إحذروا الفوضى!!