خاص الهديل…
في خبر أثار جدلاً واسعاً في الأوساط اللبنانية، نشرت صحيفة التليغراف البريطانية تقريراً يزعم أن حزب الله يمتلك أسلحة وصواريخ ومتفجرات إيرانية في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. وبغض النظر عن صحة هذه الإدعاءات، نجد أنفسنا أمام أخبار لا تمتّ إلى الصدقية بصلة، غايتها توتير الأجواء.
الصحيفة البريطانية طالعتنا اليوم بخبر مفاده أن “حزب الله يخزن صواريخ ومتفجرات في مطار لبنان الرئيسي، وفقاً لمبلغين”!!؛ ولكن لنركز ملياً على نهاية نص الخبر وبالتحديد على كلمة “مبلغين”!! يشمل هذا المخزون صواريخ فلق الإيرانية، وصواريخ فاتح-110 قصيرة المدى، وصواريخ إم-600 بمدى يتراوح بين 150 و200 ميل، بالإضافة إلى صواريخ كورنيت AT-14 المضادة للدبابات، وصواريخ بركان الباليستية، ومادة RDX المتفجرة.
وفي سياق متصل؛ أعلن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن خبر الذي نشرته الصحيفة هو عارٍ عن الصحة، إذ لم ولن يعلّق على الوضع في مطار بيروت. كما أكد أن الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) لا يتدخل بالوضع السياسي أو الأمني في لبنان ولا يعلّق عليه، وأشار الاتحاد الى أنه تواصل مع صحيفة التلغراف لتصحيح هذا الخطأ، واستجابت الصحيفة وجرى تحديث التقرير، وتم حذف اسم الاتحاد الدولي للنقل الجوي من التقرير.
بدايةً، اعتماد الصحيفة على نشر هكذا خبر وخاصة في هذا التوقيت ، ينافي مبادئ الصحافة وأخلاقياتها من جهة، ومن جهة اخرى يُحدث قلقاً بين الأوساط الشعبية اللبنانية الداخلية؛ خاصةً أن قائد جهاز أمن المطار والأجهزة الأمنية فيه، لا يمكن أن يغفلوا عن هكذا أمور، وهم من يسهرون طيلة ال24 ساعة على أمن وسلامة أمن المواطنيين القادمين والمغادرين.
ولكن بالنظر للأهداف الكامنة وراء نشر هذا الخبر، خاصةً في ظل الأوضاع السياسية المتوترة في لبنان والمنطقة.
نرى أن نشر مثل هكذا أخبار تمثل ضرباً لسوق شركات الطيران اللبناني وعلى رأسهم “طيران الشرق الأوسط” التي تعمل على مدار ال24 ساعة في خدمة المواطنين والأشخاص الوافدين إلى لبنان من سواح وغيرهم من القادمين إلى زيارة ذويهم في لبنان، إضافةً إلى ضرب الأقتصاد اللبناني، خاصة أن لبنان يمر بظروف إقتصادية صعبة.
ولا ننسى التشويش الذي يعاني منه مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت. الذي يمكن أن يكون من تصرف وألفق هذا الخبر الكاذب لصحيفة التلغراف هو من ضمن الشبكة التي تعمل على تشويش المطار الذي تقوم به إسرائيل، في أعقاب الحرب المستمرة على قطاع غزّة والجنوب اللبناني منذ تشرين الأول 2023. لكن تداعياته لا تقتصر على الأغراض العسكرية، بل تطال الطائرات المدنية أيضاً.
في بعض الأحيان، يمكن أن تكون هناك أجندات خارجية وراء نشر مثل هذه الأخبار. قد تستخدم بعض الدول أو الجهات الإعلامية الأخبار الكاذبة كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية أو اقتصادية، مثل ممارسة الضغط على حكومة لبنان أو التأثير على سياساتها الخارجية؛ ناهيك عن الأخبار المثيرة والمثيرة للجدل بأنها عادةً ما تجذب المزيد من القراء والمشاهدين، مما يزيد من مبيعات الصحيفة أو عدد الزيارات لموقعها الإلكتروني. في عصر الإعلام الرقمي، تعتبر هذه الزيارات والمبيعات مهمة لزيادة الإيرادات والإعلانات.
ومن باب الحرص على أمن البلد وعلى سلامة المواطنين اللبنانيين والقاطنين فيه والوافدين اليه من عرب وأجانب، وانطلاقاً من أن المقال ، ولأن أهدافه غير بريئة، نتوجه الى الوسائل الإعلامية كافة ونتمنى عليها عدم الاكتفاء بالتنديد بالمقال، بل فضح الأهداف من وراء نشره في هذا الظرف تحديداً.
ونشجّع وسائل الإعلام كافة وندعوها الى تلبية دعوة وزير الأشغال العامة والنقل علي حميه للحضور إلى مطار بيروت في العاشرة والنصف قبل ظهرغد، للتحقّق بأمّ العين من زيف المزاعم الواردة في جريدة التلغراف التي نربأ بها الانزلاق إلى هذه السقطة المهنية التي نرى فيها استثماراً غير مقبول في الوضع المأزوم.
ختاماً، تؤكد هذه الحادثة على ضرورة الالتزام بالمهنية الصحفية وأخلاقيات العمل الإعلامي. وبأن الحرص على التحقق من المعلومات من خلال المصادر الرسمية والمعتمدة هو ما يضمن للجمهور الحصول على معلومات دقيقة وموثوقة، ويعزز من دور الإعلام في بناء مجتمع مستنير ومدرك للحقائق.