حينما كان السباق على الرئاسة الاولى على أشده بعد انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود ودخول البلد في فراغ رئاسي، وبعد أن قال البطريرك صفير عبارته الشهيرة : بكركي لا تسمي مرشحا، حاولت واشنطن حسم المأزق الرئاسي، وأرسلت إلى بيروت وفدا يمثلها وحمل معه لائحة بأربعة اسماء لتختار منهم بكركي والقوى السياسية مرشحا لرئاسة الجمهورية.
لقد حمل الوفد الاميركي هذه الأسماء الأربعة مع خطة لكيفية إجراء عملية الانتخابات الرئاسية، قوام هذه الخطة تتألف من شقين اثنين :
الشق الأول يوصي بأن تؤمن بكركي الغطاء المسيحي للاسم الذي يتم اختياره من بين المرشحين الأربعة التي انتقتهم واشنطن.
الشق الثاني ان تؤمن قيادة الجيش الحماية الأمنية لعملية عقد جلسة انتخاب الرئيس في مجلس النواب.
اما الاسماء الأربعة الذين وردت أسماءهم في اللائحة الأميركية فهم مشتركون بالميزات التالية :
الميزة الاولى تكمن في أن كل هؤلاء المرشحين لا ينتمون إلى نادي المرشحين التقلديين لرئاسة الجمهورية . فهم شخصيات غير متداولة في سجال السباق الرئاسي.
الميزة الثانية تتمثل بأنهم ينتمون لفئات عمرية صغيرة نسبيا .
الميزة الثالثة تقع في انهم جميعا يعتبرون بهذه النسبة او تلك من بيئة التكنوقراط.
اما الميزة الرابعة والاهم فتتمثل بأنهم جميعا محسوبين على الثقافة الانكلوسكسونية ولا يوجد بينهم اية شخصية فرنكوفونية.
ومناسبة استذكار هذه الواقعة اليوم تعود للأسباب التالية:
اولا – وهو الأهم – انه كان بين الاسماء الأربعة الذين تضمنتهم الورقة الأميركية كمرشحين تفضلهم للرئاسة، اسم وزير البيئة الحالي في حكومة دياب الوزير ديميانوس قطار .
وتثير هذه الواقعة ولو بمفعول رجعي قصة لاحقة جرت بين قطار وجبران باسيل عندما تم طرح الاول ليكون وزيرا للخارجية في حكومة دياب. حينها وضع باسيل فيتو على توزير قطار والسبب المخفي وراء موقفه هو استشعاره المبكر بأن قطار لديه امكانية ان يستعمل موقعه الوزاري كمنصة للقفز لرئاسة الجمهورية. وأكثر ما أثار هواجس باسيل هو طرح قطار ليكون وزيرا للخارجية. وبعد اخذ ورد بين دياب وباسيل وافق الاخير على توزير قطار في أقل وزارة تقربه من رئاسة الجمهورية وهي وزارة البيئة التي يشغلها قطار حاليا.
ثانيا – الكثيرون استهجنوا قبول قطار بالتوزير بحكومة دياب، خاصة بحقيبة البيئة. ولكن عارفين يقولون ان وراء قبول قطار المدعوم من بكركي حسابات رئاسية . فقطار داخل حكومة دياب يعتبر سوبر وزير، فهو علبة افكار دياب في الاقتصاد وفي علاقته مع بكركي وايضا في خطوطه الرفيعة مع المجتمع الدولي والغرب.
ثالثا – ان نموذج قطار داخل حكومة دياب هو علامة فارقة عن أجندات رئاسية خفية لها صلة بطموحات ان تطرح واشنطن عند استقصاء اختيار مرشح للرئاسة الاولى لائحة اسماء تكنوقراط من الانكلوسكسونيين. وحينها لن يكون قطار هو في طليعة هؤلاء ولكنه قد يكون واحدا بينهم. واغلب الظن ان الكاردينال الراعي اذا سئل رأيه بمرشح رئاسة الجمهورية فهو لن يقول : بكركي لن تسمي .. بل سيكون مرحبا بتقديم اسم ليس من خارج الثقافة الانكلوسكسونية من ناحية وليس من خارج فضاء بكركي من ناحية ثانية.