العلاقة بين حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد و ارتفاع المكان
يحقق العلماء في العلاقة بين حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد وارتفاع المكان، بعد أن أشارت دراسة إلى أن أولئك الذين يعيشون في مناطق مرتفعة ربما كانوا أكثر مقاومة للفيروس من السكان الذين يقطنون في مناطق منخفضة، وذلك وفقا لمقال نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" للكاتبين جدعون لونج وكاميلا هودجسون.
ويسعى باحثون بوليفيون إلى فهم سبب انخفاض عدد الوفيات نسبيا في لاباز، عاصمة البلاد التي تقع على ارتفاع 3600 متر فوق مستوى سطح البحر، في حين سجلت مدينتها الثانية المنخفضة سانتا كروز والمقاطعة المحيطة بها عددا مرتفعا من الوفيات.
ومن المحتمل أن أحد الأسباب التي تفسر ذلك أن أولئك الذين يعيشون في مناطق عالية طوروا مرونة تجاه انخفاض مستويات الأكسجين في الدم التي يمكن أن يسببها الفيروس، وهي حالة تعرف باسم نقص التأكسج.
ويمكن أن يعاني متسلقو الجبال الذين لم يتأقلموا مع الهواء قليل الأكسجين من المشكلة ذاتها، ولكن الأشخاص الذين اعتادوا العيش في المرتفعات قد تكيّفوا مع الوضع.
وأشار الكاتبان إلى أن غوستافو زوبيتا-كاييخا، مدير معهد أمراض الرئة والباثولوجيا في البلاد، أحد مؤلفي الدراسة المنشورة في مجلة "علم وظائف الأعضاء التنفسية وعلم الأعصاب"، أوضح أنه "عند مستوى سطح البحر، حينما يصاب الناس بفيروس كورونا وتتعرض رئتاهم إلى التلف، يبدو الأمر كما لو أنهم تسلقوا جبل إيفرست في غضون يومين فقط، دون أكسجين".
وخلص العلماء إلى أن "المعدل المنخفض للعدوى بين سكان بوليفيا الذين يقطنون في مناطق مرتفعة كان لافتا للانتباه، ومن الواضح أنه لا يتبع نسق الإصابة المتسارع الذي يقع الإبلاغ عنه في كثير من البلدان".
وذكر الكاتبان أن زوبيتا كاييخا اقترح علاج مرضى الفيروسات بالإريثروبويتين، وهو هرمون طبيعي يحفز نمو خلايا الدم الحمراء الحاملة للأكسجين والتي يستخدمها بعض الرياضيين لتحسين أدائهم على الرغم من حظرها في مجال الرياضات الاحترافية إذ حينما ينتقل الناس إلى مناطق مرتفعة، ترتفع مستويات الإريثروبويتين لديهم بعد أن يستجيب الجسم للأكسجين.
من جهته، يقول أندرو لوكس، أستاذ الطب في جامعة واشنطن، إنه "في حين أن العلاقة المقترحة كانت "مثيرة للاهتمام"، فإنها "لا تثبت بأي حال من الأحوال أن الإقامة على ارتفاعات عالية أو مواقع مرتفعة يحمي من الإصابة بفيروس كورونا"، محذرا من أن "استخدام الإريثروبويتين مرتبط بزيادة خطر تخثر الدم".
الأشعة
واقترح الباحثون سببا آخر لعدم انتشار الفيروس في لاباز وهو الأشعة فوق البنفسجية، إذ يعد ضوء الشمس مطهرا طبيعيا للفيروسات، ناهيك عن أن الأشعة فوق البنفسجية تكون عالية في المناطق المرتفعة.
في هذا السياق، قال زوبيتا كاييخا "يطوف هذا الفيروس في الهواء ولكن هنا في لاباز تقضي عليه الأشعة فوق البنفسجية".
وحسب إيوان إيدي، رئيس الخدمات العلمية لعلم الأحياء الضوئية والإشعاع البصري في مستشفى نينويلز في دندي بأسكتلندا، فإن هذه الفرضية صحيحة جزئيا، إلا أن الأشعة فوق البنفسجية يكون لها تأثير مبيد على الفيروس فقط إذا وجهت على سطح مصاب بالعدوى مباشرة.
في المقابل، لن يتأثر الفيروس إذا كان في الظل أو في الأماكن المغلقة، حيث يعتقد العلماء أن معظم الناس يصابون بالفيروس. ويضيف إيدي أن "النوافذ تمنع الأشعة فوق البنفسجية التي تلعب دور المعقم، من الدخول".
ويتفق مدير معهد طب طوارئ المرتفعات، هيرمان بروغر، مع الرأي القائل إن معدل انتشار فيروس كورونا كان أبطأ في المناطق المرتفعة، لكنه شدد على أن هذا يرجع إلى مجموعة معقدة من الأسباب التي لا ينبغي اختزالها في "المناعة الفسيولوجية". وأضاف بروغر أن "هذه المناطق غالبا ما تكون ذات كثافة سكانية منخفضة، وكثيرا ما يتمتع السكان هناك بلياقة بدنية جيدة أكثر من أولئك الذين يعيشون في المناطق المنخفضة"، مستدركا أنهم "في كثير من الأحيان يفتقرون إلى المرافق الطبية اللازمة، مما يعني أن الحالات في الحقيقة أعلى من المبلغ عنها".
ويقرّ زوبيتا كاييخا بأن عوامل أخرى مثل النظام الغذائي ونمط الحياة والأمراض المزمنة والعمر والسمنة قد تؤثر على الناجين من الفيروس، مشددا على أن الأشخاص الذين يعيشون في مناطق مرتفعة ينبغي أن يستمروا في اتخاذ تدابير الوقاية اللازمة مثل غسل اليدين جيدا وارتداء أقنعة الوجه.
المصدر : رويترز + فايننشال تايمز