بعد السبت "الأسود" الذي عاشته بيروت وانفلات الرعاع في الشوارع، وكل الضخّ الإعلامي لإفشال التظاهرة، تستعد المجموعات الناشطة في 17 تشرين للتحضير لتظاهرة حاشدة يوم الأحد المقبل في ساحة الشهداء. وبدأت الدعوات للمشاركة تصدر من المناطق، وذلك تحت شعار اسقاط النظام الطائفي، للرد على محاولة افتعال فتنة طائفية، من خلال إطلاق الشبيحة يوم السبت الفائت.
للبقاء في الشارع
ووفق بعض المجموعات الناشطة في بيروت، سيعقد اجتماع موسع في اليومين المقبلين، لوضع أسس لكيفية المشاركة، خصوصاً أن الشعار الأساسي المرفوع ملتبس، وقد يثير حساسية البعض. أو قد يحدث مشاكل داخلية بين المجموعات. إذ وزعت دعوة تحت شعار "أحد الثورة، يسقط النظام الطائفي"، للتجمع عند الساعة الرابعة بعد ظهر الأحد المقبل في وسط بيروت.
لم تجرِ المجموعات تقييماً ليوم السبت على نطاق موسع. لكن بعض المجموعات التي اجتمعت يوم الاثنين، خلصت إلى أهمية البقاء في الشارع بمعزل عن محاولات البعض لجرّ البلد إلى صراع أهلي بخلفيات طائفية ومذهبية. واتفقوا على ضرورة تكثيف التحركات اليومية أمام المؤسسات العامة وغيرها، والدعوة لتحركات أسبوعية أسوة بالتحركات التي كانت قبل وباء كورونا.
تعتبر المجموعات أن حجم المشكلة التي يعاني منها البلد أعمق بكثير من التوافقات السياسية بين أحزاب السلطة، لإعادة تشكيل حكومة جديدة برئاسة سعد الحريري، كما يشاع. وأكبر بكثير من محاولة إشعال الفتن الطائفية مثلما حصل يوم السبت، لتخويف الناس وإعادة صورة الحرب الأهلية. فالمشكلة الأساسية بات في صلب النظام اللبناني الذي يصعب "ترقيعه" وإعادته إلى الحياة بتسويات من هنا وهناك. فأحزاب السلطة لا يملكون أي حل للانهيار المالي والاقتصادي. وأكثر ما يمكن أن يتوصلوا إليه مبادرات لتجويع الناس، على مثال أكل "بيض الفري"، التي أطلقها العونيون لمواجهة الأزمة الاقتصادية والمعيشية. وبالتالي يحركون كل أجهزة الدولة والرعاع لإحداث فتن طائفية، لأنهم أدركوا أن التحركات الشعبية تسهم في ضعضعة القوى السياسية أكثر وأكثر.
وقفة النقابات وملحم خلف
ستجري المجموعات تقييماً لكيفية المشاركة يوم الأحد المقبل. لكن بالموازاة تستمر في التحركات اليومية. ودعت للاعتصام يوم الأربعاء أمام المجلس النيابي. وستلحقها تحركات أخرى وصولاً إلى تظاهرة الأحد التي من المأمول أن تكون الحاشدة.
وكانت مجموعات مدنية نظمت مسيرة اليوم الثلاثاء، انطلقت من أمام قصر العدل وصولاً إلى تمثال الجندي المجهول في المتحف، وذلك رفضاً للفتنة الطائفية ولتحصين السلم الأهلي. طالب فيها نقيب المحامين ملحم خلف الاتعاظ من التجارب السابقة للحرب الأهلية، قائلاً: لمَ لم نتعلّم من الانسياقات الانتحاريّة التي نغتال فيها صيغة العيش معاً وميثاق وطن رسالة المحبة والسلام؟ ما شهدناه و نشهده كارثي، من استعادة لغة العنف المدّمرة. وكأننا صمّمنا على قتل شهدائنا الأبرار من دون هوادة".
ودعا الجميع إلى العودة إلى لغة العقل والحكمة والحوار، ووقف الانتحار، وإدانة العنف بكل أشكاله، معتبراً أن "القوة بالاستقواء قاتلة والتعبئة الطائفيّة أو المذهبيّة تدفن خيارنا الفريد الحضاري بالعيش معاً… الآن، هو الامتحان الأصعب لنؤكّد جميعاً أنّ هذا البلد هو لكلّ الناس، وبكلّ الناس يحميهم القانون وبوصلتهم الدستور".