الهديل |
يتأكّد اللبنانيون يومًا بعد يوم أنّ حالة أحد الوزراء الخدماتيين ليست على ما يرام من الجانب النّفسي، إذ إنّه بعد تركيبه لموكب من 3 سيارات "منزوعة اللوحات" رباعية الدّفع تابعة لأحدى مؤسسات الدّولة على حساب جيبة اللبنانيين، حيث تواصل معه أحد الوزراء المعنيين منتقدًا خطوته بنزع لوحات السيارات لمخالفتها الصريحة لقوانين الدولة وخروجها عن الأعراف القائمة بكل الدّول ملمّحًا إلى احتمال القيام بالخطوات القانونية ما اضطره للتراجع عن هذه الخطوة، بالإضافة إلى قيامه بدوريات مسلّحة برفقة "أفراد فريق" حمايته بين أروقة ومكاتب الوزراة المذكورة على طريقة "بدري أبو كلبشة"، يتساءل المراقبون إن كان الوزير المذكور يعلم أنّه يتولّى منصب "وزير" أو أنّه "يتقمّص" دور "رئيس الدّورية"…
المقربون من الوزير المذكور يؤكّدون أنّ تصرفاته تدل على أنّه مصاب بالـ Paranoia" أو ما يُعرف باللغة العربية بمرض "الرهاب"، هو نوع من الاضطرابات التي تحدث للفرد عندما يتعرض للحديث لأول مرة أو حتى بعد فترة من معرفة اشخاص جدد لا يعرفهم فيشعر بالخوف والتوتر الزائدين، وفي المواقف التي يشعر فيها الشخص أنه تحت المجهر أو داخل حلقة التركيز وأن الكل ينظر إليه، فيخاف أن يظهر عليه الخجل أو الخوف أو أن يخطيء أو يتلعثم مما يؤدي به للارتجاف والخفقان وضيق التنفس وجفاف الحلق والتعرق… إذ يؤكّد هؤلاء المقربون من الوزير المعني أنّه خصص غرفة لنفسه يختلي بها بذاته وقد جهزه بسرير يقضي به أوقاتًا في النوم ليهنأ بأضغاث أحلامه الكبيرة وخوفًا مما يتخيله عن استهدافه ويبيت بعض ليلته فيها، عدا عن محادثاته الجانبية مع أحد عمّال خدمات الضيافة بمطبخ الوزارة للسؤال عن الموظفين وما إذا كانوا يحيكون "مؤامرة" ضده….
عندما تحدث هذه الأعراض في موقف ما فإن المرء يخاف ويتجنب المشاركة في المواقف الاجتماعيه أو الدخول في مناقشات… الخ، مما يزيد من مخاوفه ويضعف ثقته بنفسه، فيجعله سلبيا وعرضة لهذه المشاعر في المستقبل مما يزيد الحالة سوءاً وتعقيداً.
يبدأ هذا الاضطراب مبكراً في سن الطفولة أو بداية المراهقة حيث تبدأ معظم الحالات في الظهور عند سن الخامسة عشرة تقريباً. وقد وجدت دراسات مختلفة أن هناك مرحلتين يكثر فيهما ظهور هذا الاضطراب: ما قبل المدرسة على شكل خوف من الغرباء، ومرة أخرى بين 12-17 سنة على شكل مخاوف من النقد والتقويم الاجتماعي، وتظهر بشكل ملحوظ في سلوك الإناث أكثر من سلوك الذكور، وتندر الإصابة به بعد الخامسة والعشرين من العمر.
وبالرغم من أن الإصابة بالرهاب الاجتماعي تحدث في هذه المراحل المبكرة إلا أنه يعتبر أيضاً من الاضطرابات النفسية المزمنة التي قد تستمر عشرات السنين والتي تؤثر بصورة سلبية على حياة الشخص اليومية، الاجتماعية والعملية. ومع ذلك فإن المصابين بالرهاب الاجتماعي حتى مع علمهم بهذه الحالة قد يتأخرون في طلب العلاج سنين عديدة، إما بسبب خجلهم من الحالة نفسها أو خوفاً من مواجهتها والاعتراف بوجودها.
الأعراض
أعراض الرهاب وبعض تأثيراته على الحياة السليمة للفرد أحب هنا أن أركز على بعض الأعراض غير المعروفة لدى كثير من الناس لأن أعراض الرهاب كثيرة ومنها : – إضافة إلى الخجل والخوف من الناس وخاصة التجمعات لأكثر من شخصين والانطواء والكآبة المستمرة والملل الدائم والقلق والوساوس والشرود والهم الدائمين والنحافة الجسدية عند أكثر المصابين بالرهاب هناك أيضا :
-النظر بتوجس وريب إلى الناس
-النظر إلى الأشخاص دائما يكون حاداً
-التعامل بطريقة محدودة مع الناس والمجتمع في العلاقات الاجتماعية حتى الضرورية منها
-المصاب بالرهاب غالبا يخاف من التعبير عن رأيه وهو شديد المداراة للناس (هذا ناتج عن عدم ثقته بنفسه وأيضا الخوف من محاسبة الناس له)
-تصرفات المصاب بالرهاب تتسم بالتناقض فهو يحب ويكره في نفس الوقت مثلا…
-مع مرور الوقت تضعف الذاكرة وينحل الجسد
-ومن أعراض الرهاب الاجتماعي الجسدية بالإضافة إلى النحافة هناك تسارع للنبض، الشعور بالغثيان أحيانا خاصة امام الجمهور، في الحفلات والمناسبات أو الأسواق… إضافة إلى فقدان الشهية، والحاجة إلى الجنس، وكل هذا يرجع إلى خلل في الجهاز العصبي المركزي الذي برمجة صاحب المرض على ذلك بمرور الوقت '.
-يشعر المريض بالندم دائما نتيجة تصرفاته فهو شديد المراقبة لها مع الناس ويقول دائما " ليتني ما تكلمت… ليتني ما فعلت… "
-لا يستطيع الفرد على ذلك بناء علاقة اجتماعية قوية وصادقة مع أي إنسان حتى مع أقاربه… فهو يشك في كل شيء…
-يميل المريض عادة إلى إعطاء الأمور حجما يفوق حجمها نتيجة خوف من مراقبة الناس له، وأحيانا يقع في التناقض كما أسلفنا فقد يرى الشيء التافه أمرا في غاية الخطورة ويرى المصاب الجلل تافها
العلاج
لا تزال كثير من أمراض النفس البشرية قيد البحث والدراسة ورغم تطور علم النفس الحديث إلا أنه لم يجد الحل النهائي للكثير منها كالرهاب الاجتماعي، ورغم تصنيف الأطباء لهذا النوع من المرض على أنه نزول خفيف أو اكتئاب خفيف يمكن السيطرة عليه خاصة عند البداية إلى أن كثيرا من الدراسات تحذر من تعقد حالة المريض الذي لم يستطع العلاج وتحذر من الإهمال أو التفريط في العلاج.
العلاج الأنجح هو العلاج السلوكي الذي يبدأ بتصحيح نظرة المريض الخاطئة وأحكامه على نفسه وتصحيح نظرته إلى الناس، وإلى المجتمع، يجب على المريض أن يخالف خوفه، أن يقتحم العالم الذي يخاف منه بالتدريج، وأيضا للبيئة التي يعيش فيها الفرد دورا رئيسيا في العلاج فهي تمد الفرد بما يحتاجه من شعور نفسى واجتماعى يساعده على استرجاع ثقته بنفسه وتحقيق ذاته، فوجود أشخاص بجانب المريض وتشجيعهم له يعطيه مزيداً من الثقة والقدرة على التحدث والمناقشة وبالتالى يشعر الفرد بالثقة تدريجيا إلى أن يتخلص من ذلك المرض.
النتيجة؟
نتيجة البحث الذي تقدّم تدلّ على أنّ المكان الصّحيح لمن يعاني من هذه "العقدة" ليس المكان المناصب العليا في الدولية حتمًا، فكيف يتولّى من يعانون هذه العقد المناصب الحساسة والوزارات والتحكم بمصير البلاد والعباد، إذ إنّ النتائج تكون وخيمة وذلك بسبب إقتناع الشّخص أنّ الفشل الذي يمارسه هو الشئ الصحيح.. وهنا تكمن الكارثة! فمن يُنقذ الشّعب اللبناني؟!