كتبت عزّة الحاج حسن في المدن:
لم يقو قطاع الفنادق على مواجهة الأزمة المالية وأزمة كورونا التي ساندتها. فالقطاع الذي يشكّل العمود الفقري للقطاع السياحي عموماً، والسند الأساس للمؤسسات السياحية المرتبط نشاطها بالنشاط الفندقي، شهد مؤخراً انهيار فنادق عريقة، يعود تاريخ تأسيسها إلى عشرات الأعوام. ذلك لأن غرف هذه الفنادق خلت من الرواد منذ أشهر، وطالها الركود. ورغم كل ما أصابها من أزمات، لم ترحمها المصارف ولم تستثنها من إجراءاتها الجائرة.
إقفال فنادق عريقة
تكبدت المؤسسات السياحية خسائر كبيرة بفعل الأزمات المتلاحقة: أقفل المئات منها، فاق عددها 1500 مؤسسة. وصُرف من العاملين فيها نحو 16 ألف عامل وموظف، بينهم آلاف المصروفين من الفنادق. وخسر القطاع الفندقي فنادق عدة في المدة الأخيرة، منها البريستول ومونرو وغابريال والحبتور ورمادا وغيرها. أما باقي الفنادق فتقفل جزئياً، أملاً بتمرير المرحلة الراهنة.
أزمة مع المصارف
ولا يقتصر تأزّم القطاع الفندقي على الأزمة المالية والاقتصادية وتراجع مستوى الأعمال وانعدامها كلياً، تزامناً مع أزمة انتشار فيروس كورونا، بل يرتبط بعلاقة القطاع الفندقي بالمصارف. وعمدت الأخيرة إلى حجز أموال المودعين من دون وجه حق، وحصرت السحوبات من الحسابات الدولارية بسقوف محدّدة لا تتجاوز 1000 دولار شهرياً، وفق سعر صرف الدولار المُعتمد من قبل المصارف عند 3000 ليرة.
الفنادق التي أغلقت أبوابها جزئياً، وصرفت غالبية عمالها، وتراكمت ديونها جراء استمرار نفقاتها التشغيلية، توازياً مع تراجع إشغالها إلى مستويات قياسية لا تتجاوز 5 في المئة، لم تتمكن من تحرير أموالها من المصارف طيلة أشهر، وكانت مُلزمة كما سائر العملاء المصرفيين بالسحب النقدي وفق سعر الصرف الرسمي، أي 1515 ليرة للدولار عند تجاوز السقوف المسموح بها رغم تدنيها (تتراوح السقوف بين 500 و1000 دولار).
تعميم مصرف لبنان
وبعد تعرّض الفنادق اللبنانية لخطر الإفلاس واختباره فعلاً مع إغلاق عدد من كبرى الفنادق، أصدر مصرف لبنان تعميماً للمصارف يطلب منها التساهل مع أصحاب الفنادق، وفق آلية معينة تتيح لهم السحب النقدي وفق سعر صرف 3000 ليرة، بما يحد من خسائرهم الواقعة جراء احتساب الدولار وفق سعر صرف 1515 ليرة. وقد ربطت المصارف وفق ما يؤكد نقيب أصحاب الفنادق بيار الأشقر في حديث إلى "المدن"، عملية السحوبات للفنادق بما يتناسب وحجم الفندق لجهة عدد غرفه وفئة تصنيفه.
وابتداء من الأسبوع المقبل، على المصارف أن تتيح للفنادق السحب النقدي من حسابات أصحابها الدولارية، وفق سعر الصرف 3000 ليرة للدولار، بما يتجاوز السقوف الشهرية المحدّدة مسبقاً. ووفق التعميم المذكور بات بإمكان الفنادق سحب 200 دولار شهرياً عن كل غرفة في فندق 5 نجوم. بمعنى أن فندق 5 نجوم يضم 100 غرفة يمكنه سحب 20 ألف دولار شهرياً وفق سعر 3000 ليرة للدولار، وليس 1515 ليرة، أي 60 مليون ليرة. أما إذا كان الفندق 4 نجوم فيمكنه سحب 150 دولار عن كل غرفة، وفنادق 3 نجوم يمكنها سحب 100 دولار عن كل غرفة. وفنادق دون تصنيف 3 نجوم (أي نجمتين ونجمة) فيمكنها سحب 50 دولار فقط عن كل غرفة.
مطالب أخرى
هذه الآلية، وفق الأشقر، منحت القطاع الفندقي بعض "الأوكسيجين" للتمكن من تغطية نفقاته التشغيلية ورواتب ما تبقى من العاملين لديه، لتمرير الفترة الراهنة تجنباً للإقفال التام. لكن "إذا كان احتساب الدولار بـ3000 ليرة أفضل من 1515 ليرة، فإننا نشتري احتياجاتنا وفق سعر الصرف المرتفع، أي ما يقارب 4000 أو 5000 ليرة حسب السوق"، يقول الأشقر. أما في ما خص إغلاق أجزاء من الفنادق وحسم بعضها نصف رواتب موظفيها، فإنها مستمرة بهذا الشكل حتى عودة النشاط السياحي كما هو مأمول.
التسهيلات المصرفية المذكورة تشكّل جزءاً من سلة مطالب رفعها القطاع الفندقي إلى الحكومة ووزارة السياحة خصوصاً. ومن المطالب: تأجيل سداد ديون المؤسسات السياحية سنة أو اثنتين حداً أدنى، ليتمكن القطاع من تعويض خسائره. وإلزام السياح الأجانب بالدفع بالدولار ما يسمح بدخول العملة الصعبة "الطازجة" أو fresh money إلى القطاع والبلد عموماً.