خاص الهديل | إبراهيم ريحان
في السّابق، عندما كان يُعلن الأمين العام لحزب الله السّيد حسن نصرالله عن موقف تجاه الأزمة التي يمر بها لبنان أو حتّى تلك الازمات التي تشهدها المنطقة، كانت الرّدود على كلامه تأتي من الاطراف اللبنانية السياسية المناهضة لتوجهات حزب الله الداخلية والإقليمية. لكن المفارقة التي ظهرت في الخطابين الأخيرين أنّ الرّد جاء من بعد آلاف الكيلومترات وبالتحديد من وزير الخارجية في الولايات المتحدة الأميركية مايك بومبيو وقبله مساعده لشؤون الشّرق الادنى ديفيد شينكر.
الرّد الأخير لوزير الخارجية الأميركي على كلام الامين العام لحزب الله حمل في طيّاته "ربطًا مؤكدًا" بين المواجهة القائمة بين الولايات المتحدة من جهة مع إيران ومعها حزب الله من جهة أخرى والمساعدة الاميركية للبنان، حيث أعرب رأس الدبلوماسية الاميركية عن "أنّ بلاده ستساعد لبنان بشرط هو أن لا يتحوّل إلى دولة وكيلة لإيران"، مؤكّدًا أنّ الدعم الاميركي للبنان سيستمر طالما أنّ لبنان ينفّذ إصلاحات وأنّ حزب الله لا يهيمن على الحكم فيه، حيث كانت النقطة الأهم التي ردّ فيها بومبيو على كلام نصرالله عن أنّ الولايات المتحدة لن تسمح للبنان باستيراد النّفط الإيراني على غرار الإستثناء الذي مُنح سابقًا للدولة العراقية.
كلام بومبيو عن استيراد النّفط الإيراني يشير بحسب المراقبين إلى أنّ استيراد لبنان للنفط الإيراني ولو بالعملة المحلية دون أخذ استثناء من واشنطن قد يُعرّض الدّولة اللبنانية بشكل مباشر لعقوبات أميركية، حيث تعتبر واشنطن خرق حظر التعامل مع إيران دون استثناء أميركي وخصوصًا في مجل النّفط من الخطوط الحمراء وتحديدًا في لبنان، والذي تنظر الأوساط الأميركية إليه بحسب المراقبين كساحة خلفية للالتفاف على قانون قيصر، والذي ظهرت أولى نتائجه قبل أيام مع منع شركتين لبنانيتين من فتح اعتمادات مصرفية بالخارج لاستيراد النّفط.
تصريح وزير الخارجية الاميركي الاخير جاء بعد يوم من كلام الأمين العام لحزب الله، ومتزامنًا مع حدثين اثنين، أولهما وصول رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدّين بعد الإفراج عنه في الولايات المتحدة الاميركية ومع زيارة قائد المنطقة الوسطى في الجيش الاميركي الجنرال كينيث ماكينزي. حيث قرأ المراقبون كلام بومبيو أنّه فصلٌ لموضوع السياسة الداخلية للبنان عن موضوع الإفراج عن قاسم تاج الدّين الذي اعتبره المراقبون من ضمن سياسة الرئيس الاميركي دونالد ترامب لاستعادة الاميركيين خارج البلاد قبيل الإنتخابات الرئاسية في شهر تشرين الثاني المقبل، كما أنّ بومبيو لوّح بـ"العصا" الاميركية بعيد "جزرة" تاج الدّين.
أمّا زيارة الجنرال ماكينزي إلى لبنان، فيقول المراقبون أنّها تأكيد من الإدارة الأميركية على استمرار دعم المؤسسة العسكرية وهي أوضح رسالة بوجه الشائعات التي تحدثت عن احتمال حجب المعونات العسكرية الأميركية عن الجيش اللبناني، وتأكيد على الشّراكة والثقة الدولية بالجيش وقيادته. ولفت المراقبون إلى الحفاوة التي استُقبِلَ بها الجنرال ماكينزي في قصر بعبدا ما يدلّ على أنّ لبنان الرّسمي حريص بالحفاظ على العلاقة المتينة مع واشنطن رغم الأحداث التي شهدتها الأسابيع الماضية فيما عُرِف بقضية "القاضي محمّد مازح".
المراقبون يخلصون إلى أنّ الإدارة الاميركية أكّدت يوم أمس استمرار دعمها للجيش اللبناني من جهة، واستمرار الضغوط على حزب الله والحكومة اللبنانية التي قال عنها في وقت سابق مساعد وزير الخارجية الاميركية ديفيد شينكر أنّها حكومة "حليفة لحزب الله"، حيث كان جليًا التلويح باستمرار الضغوط بكلام بومبيو عن عدم السماح للبنان باستيراد النفط الإيراني، وربط المساعدات بعدم هيمنة حزب الله على الحكم في لبنان. كما ظهر في كلام السيد نصرالله أنّ الحزب يتوقّع استمرار هذه الضغوط والمواجهة مع الجانب الاميركي حين قال نصرالله في خطابه الاخير: "سياستكم بخنق لبنان ستقوّي "حزب الله" وتضعف حلفاءكم ونفوذكم، ولن يجد الناس أمامهم ملاذاً إلا المقاومة وحلفائها"، حيث اعتبر المتابعون أنّ الكلام هذا يشير إلى استمرار عض الأصابع بين واشنطن وحزب الله وما يمكن أن يطال حتّى لبنان الرسمي، الذي يدعم بطريقة أو بأخرى توجهات "حزب الله" السياسية، وحتى الإقتصادية عندما قرّر التوجه نحو الشرق، من دون أن يغفل عدم إدارة الظهر للغرب.