مرة جديدة يعمد الرئيس ميشال عون إلى وضع عربة تكليف رئيس الحكومة امام شرط ان تسمي الرئيس الثالث العتيد أغلبية نيابية. وهذه ممارسة تطعن تقاليد الحياة السياسية التي سادت في جمهورية الطائف ، وتخدم مقولة ان رئيس الجمهورية يستطيع من خلال الممارسة تجاوز صلاحياته وجعل عملية تكليف الحكومة تبدأ من قصر بعبدا وتنتهي في قصر بعبدا، بدل ان تبدأ من الاستشارات النيابية الملزمة وتنتهي في مجلس النواب الذي يمنح الحكومة العتيدة الثقة او عدمها.
والواقع أن ممارسة صلاحيات الرئيس الأول انطلاقا من مقولة الرئيس الماروني القوي، وليس وفقا لصلاحياته الدستورية، هي سابقة تؤدي إلى إضعاف دور الدستور كحام للتوازن بين صلاحيات المؤسسات الدستورية والرئاسية.. وهي ممارسة تقود لفوضى دستورية، تضاف في هذا الوقت للفوضى الاقتصادية والاجتماعية والوبائية.
وخطورة قيام رئيس الجمهورية يجعل عملية التكليف قبل الاستشارات النيابية، له ابعاد خاصة هذه المرة ، وذلك نظرا للأسباب التالية:
ثانيا – يتم اعتماد هذه الممارسة في ظل عودة الحديث عن استبدال الطائف بعقد سياسي جديد ، كاعتماد المثالثة بدل المناصفة؛ وكاعتماد الفيدرالية بدل اللامركزية الإدارية الموسعة. والواقع أن أي ممارسة من قبل الرئاسة الاولى في هذه المرحلة تتجاوز صلاحياته في الدستور يمكن تفسيرها على انها تشجيع لمناخات الانقلاب على الطائف .
قد يظن البعض أن الطائف هو مرحلة انتقالية وأنه لا بد من تغييره على نحو يحاكي المتغيرات الداخلية والخارجية التي حصلت في العقدين الأخيرين.. ولكن هذا البعض يتناسى أمرين مهمين؛ أولهما أن الطائف اوقف الحرب الاهلية والثاني ان الطائف هو دستور مشكلته بأنه لم يطبق ، وليس لانه لا يعبر عن واقع البلد .