السؤال المخيف الذي يطرحه جميع اللبنانيين هو ماذا سيحدث للبنان فيما بعد أن اعتذر مصطفى أديب ؟؟
هذا السؤال مطروح بحدة داخل لبنان، خاصة وأنّ الإجابة الدولية عليه معروفة، وهي أنه بعد فشل أديب في تشكيل حكومة المهمة وفق مواصفات المبادرة الفرنسية- أي حكومة اختصاصيين تدعمها الاحزاب ولا تشارك في تشكيلها – فان ذلك يعني للمجتمع الدولي ثلاثة أمور:
أولها أنّ الطبقة السياسية التي اوصلت البلد لحالة الإفلاس لا تزال غير مستعدة للتخلي عن امتيازاتها في تقاسم كعكة السلطة، وذلك على رغم كل ما حصل للبلد.
الأمر الثاني انه في ظل موازين القوى الحالية فإنّه لا يمكن إنتاج حكومة في لبنان إلا وفق المواصفات والمضمون السياسي الذي يريده لها حزب الله، وبالتالي فإنه لا مجال لتشكيل "حكومة مهمة انقاذية " في لبنان، بل الممكن فقط حاليًا تشكيل حكومة حزب الله حسب المصطلح الذي أطلقه المجتمع الدولي على حكومة دياب، ما أدى لفرض حصار دولي عليها.
الأمر الثالث يتمثل بأن لبنان لا يزال بلدا يتفاعل ضمن سيطرة منظومة الفساد عليه.
وكلّ ما تقدَّم يدفع المجتمع الدولي للقول أنّه في حال فشل لبنان بتشكيل حكومة المهمّة وفق روحية المبادرة الفرنسية، وليس وفق تدوير زواياها كما يحصل اليوم، فإنّه أي المجتمع الدولي لن يقدّم للبنان أية مساعدة ولن يهتم لمشاكله الاقتصادية. وحتى لو باريس أرادت تجاوز روحية مبادرتها وقبلت بحكومة تكون في الجوهر امتدادًا لحكومة دياب، فإنّ الغرب والعرب لن يساعدوا جهود ماكرون لتأمين مساعدات دولية لإنقاذ لبنان، وسيقول العرب والغرب مرة اخرى لن نتعامل مع "حكومة حزب الله".
ويسأل المراقبون لبنان إلى أين يتجه؟ هل لتفضيل الإفلاس على مسار الإصلاح؟ والواقع أنّ الإجابة على هذا السؤال ليست بأيدي الشعب اللبناني الذي خرج منذ عام إلى الشارع ليطالب دون جدوى بالإصلاح، و من الواضح أنّ الجواب على هذا السؤال هو بأيدي الاحزاب السياسية، وتحديدًا، وبدرجة أولى، بأيدي رئيس الجمهورية من جهة وحزب الله من جهة ثانية .
هناك من يعتقد أن رئيس الجمهورية الذي يتفرد بأنه وحده اقسم على حماية الدستور وأمن البلد ، قد يقرر في هذه اللحظة اخذ مسؤولياته وفق موجبات القسم الرئاسي الذي اطلقه.
وما يدعو لهذا الاعتقاد هو قول رئيس الجمهورية نفسه انه في حال لم يتلقف البلد مبادرة ماكرون ولم يتلقف مبادرة حكومة المهمة، فإن لبنان ذاهب الى جهنم حيث سينهار اقتصاده وأمنه، وهذا النوع من الأخطار تتضمن مضمون القسم الرئاسي الذي أطلقه رئيس الجمهورية. وفي حال تراخى الرئيس أمام معرقلي تشكيل حكومة المهمة وبالتالي معرقلي الفرصة الفرنسية، فإنّ ذلك سيعني أنّه تساهل مع تنفيذه لتطبيقات موجبات القسم الرئاسي الدستوري. وضمن هذا السياق يتصور البعض أن يخرج الرئيس عون في اللحظة المناسبة ليقول: بصفتي أقسمت على حماية الدستور والحفاظ على وجود البلد فإنني لن اسمح بذهاب لبنان واللبنانيين إلى جهنم وإلى وضع يهدد وجود لبنان، وعليه قررت بصفتي رئيس الجمهورية الذي اقسم على حماية لبنان…
لا أحد يعرف ما هي القرارات التي يمكن أن يتخذها الرئيس لحماية لبنان من الذهاب إلى جهنم، هناك خيارات استثناىية عديدة قد يذهب لاتخاذها، ولا أحد يستطيع في مثل هذا الموقف أن يقول لرئيس الجمهورية انت تتجاوز الدستور، حيث حينها يمكن لرئيس الجمهورية القول أنني أنفذ قسمي الرئاسي بواجبي بمنع خطر زوال لبنان الذي يتحقق من خلال التقاط الفرصة الفرنسية التي يتفق الجميع على انها اخر فرصة لمنع انهيار لبنان .
هل يذهب رئيس الجمهورية الى خطوة إنقاذ لبنان من الانهيار؟ وهل يعلن أنّ تطبيقات القَسَم الرئاسي هي جزء من صلاحياته، ويطرح أجندة حلٍ استثناىيٍ لمرحلة في غاية الخطورة؟