ثمة اتجاه لتشبيه العقوبات الأميركية على القياديين في حزب الله التي صدرت ليل أمس، بالعقوبات الأميركية التي كانت قد صدرت قبل اسابيع ضد الوزيرين فنيانوس وخليل.. والتشابه هنا يتعلق بالتوقيت ؛ فالعقوبات الماضية جاءت في توقيت اضر بمسعى مصطفى اديب لتشكيل حكومته؛ كون العقوبات الأميركية استفزت الثنائي الشيعي ودعته الى التصلب بمطلب وزارة المالية ، .. الخ..
والعقوبات ليلة امس قد تضر بمسعى الحريري لتشكيل حكومته؛ حيث حزب الله سيعتبرها انها تمثل إصرارا اميركيا على الضغط عليه. وبالمقابل، فإن على الحزب ان يتشدد أكثر بوجه هذا الضغط، وأن يرفض اية محاولة داخلية تتطلب منه تقديم تنازلات في هذه المرحلة .
وثمة سؤال يطرح نفسه منذ ليل امس، وهو: هل توقيت إصدار العقوبات على القياديين في حزب الله هو رسالة أميركية تذكر بموقفها المتشدد من حزب الله، وبالتالي هل على الحريري ان يفهم بأن هذه العقوبات الأميركية التي صدرت ليل أمس هي لفت نظر له بأن عليه ألا يصدق نظرية ان خطوة التفاوض في الناقورة على ترسيم الحدود البحرية، تضمنت مقايضة ما، سواء بين طهران وواشنطن، او حتى بين شينكر وأطراف لبنانية، بحيث يوافق العهد العوني وحلفاؤه على بدء مفاوضات الناقورة لترسيم الحدود البحرية، بالمقابل، تتراجع واشنطن عن الضغط على لبنان وحزب الله.
لا يمكن تحديد إجابة قاطعة على خلفية تصرف اميركي ( اي العقوبات) يمتاز بأنه جاء في لحظة حملت إشارات أميركية متضاربة: جاء اعلان العقوبات على قاووق والبغدادي في اجواء اتصال بومبيو بالرئيس عون ، وفي أجواء انه من المفترض أن تكون إدارة ترامب متفرغة بالكامل لخوض اخر لحظات سباقها الرئاسي، وفي أجواء تكريم اللواء عباس ابراهيم في الولايات المتحدة، وفي اجواء حضور شينكر شخصيا اول جلسة تفاوض لبنانية _ اسرائيلية في الناقورة على الترسيم.
واللافت انه في ظل كل هذه الغيوم الإيجابية التي كانت تتجمع في سماء العلاقة الأميركية اللبنانية، فجأة تمطر قرارا أميركيا بعقوبات على قياديين سياسيين في حزب الله ، وذلك في لحظة يحتاج فيها مسعى الحريري للافادة من مؤشرات اميركية ايجابية تجاه لبنان وليست سلبية ، ويحتاج لدعم اميركي دولي واقليمي، ولو اقله على شكل الا تبدو أميركا غير داعمة لمبادرة ماكرون في لبنان ، أو الا تبدو غير مبالية بها، ما يجعل واشنطن لا تهتم بمراعاة الا تطلق عقوبات ضد لبنانيين في توقيتات تضر بمساعي الجهود الداخلية اللبنانية الرامية إلى تشكيل "حكومة مهمة" حسب مواصفات المبادرة الفرنسية.
الخطوة الأميركية ليل أمس( العقوبات ) تؤكد على الأقل أمرين:
الأول، ان خط الضغط الاميركي على حزب الله مستمر ، وان خط الضغط الاميركي على القوى اللبنانية لعزل حزب الله داخليا، مستمر أيضا.
الأمر الثاني : ان مفاوضات الناقورة لم تؤسس لهدنة أميركية مع حزب الله في لبنان ولا مع العهد العوني ولا حتى مع محاولات مساعدة المبادرة الفرنسية من خلال احتواء حزب الله في هذه المرحلة .