خاص الهديل:
يدخل لبنان السنة الجديدة، وهو على موعد مع تحديات خطرة لا يملك بمواجهتها اية قدرات فعلية. فتحدي كورونا يبلغ مع بداية العام الجديد أعلى تحدياته، وهناك خياران لا ثالث لهما في مواجهته: اما الإغلاق العام لأربعة اسابيع كي تلتقط المؤسسات الطبية انفاسها، أو ترك الأمر على غاربه، فيدخل لبنان مأساة النموذج الإيطالي. ولكن خيار الاقفال العام تعترضه الكلفة الاقتصادية التي يستطيع لبنان تحملها، حيث أن الإغلاق ستكون له نتيجة أكيدة وهي تسريع معدلات الفقر العالية اصلا ، وهذا يعني تبكير موعد حدوث " ثورة الجياع" التي ينبه الكثيرون من خطورة حصولها على حالة الامن والحد الادنى الموجود من الاستقرار.
ومن جهة ثانية، يبدو أن تحدي تشكيل حكومة المهمة، دخل نفق مظلم طويل وهو نفق مسدود في نهايته؛ و تؤكد مصادر مواكبة لهذا الملف انه لم يعد هناك املا يرتجى من " سيناريو حكومة المهمة"، لان الوقت تجاوزها، كما أن المشاورات التي حصلت بين بيت الوسط وقصر بعبدا بشأن تشكيلها، اثبتت ان العوائق التي تواجه خروجها للنور، هي بنسبة عالية داخلية وذات صلة بحسابات معركة رئاسة الجمهورية وخلافة عون .
وتضيف هذه المصادر أن فريق العهد العوني يبحث عن سيناريو حكومة جديدة تؤمن ضمانات نفوذ التيار الوطني الحر بعد انتهاء عهد الرئيس ميشال عون، أما موضوع "مهمة إنقاذ البلد" فهو له درجة ثانية وملحقة بالهدف الأول. وعليه فان حكومة المهمة التي يطرحها الحريري لم يعد لها مكان في خطة العهد للمرحلة المقبلة .. وما يبدو أنه مرشح للحدوث هو حصول "فوضى عارمة" و " ثورة جياع" خلال الفترة القريبة المقبلة، وذلك بفعل تحالف نتائج تفشي كورونا وتعاظم التردي المعيشي؛ وعند بلوغ الوضع في لبنان الى هذه الحالة، سيذهب الرئيس عون لطرح "حكومة عسكرية" أو "شبه عسكرية"، يكون لقصر بعبدا فيها، ليس فقط "الثلث الضامن او المعطل"، بل " الكل الضامن او المعطل".
وبحسب مصادر مطلة على المبادرة الفرنسية، فإن الرئيس ماكرون سيكون بحاجة لوقت غير قصير كي يستطيع إعادة تزخيم مبادرته في لبنان ، وذلك بالنظر إلى أن إدارة بايدن ستضل لفترة طويلة نسبياً منشغلة بمحاولات تجاوز الوضع الاميركي الداخلي الصعب الذي خلقه أمامها ترامب، ومن جهة ثانية، لأن ماكرون لن يكون بإمكانه تطويع المعادلات الداخلية اللبنانية لمصلحة تسهيل مبادرته، خاصة وأن كلاً من حزب الله وجبران باسيل سيشعران بأنهما باتا اقوى بعد خروج ترامب من البيت الابيض، وبفعل ان إدارة بايدين مشغولة بالكامل في مشاكلها الداخلية.
يبقى القول اخيراً ان ما ينتظر لبنان في اول شهرين من العام الجديد، هو تراجع حاد على المستوى الطبي ومزيد من الفراغ السياسي ، وبروز اوضح مؤشرات ثورة الجوع، ومحاولة جادة للانقضاض من قبل العهد على حكومة المهمة واستبدالها بحكومة عسكرية أو شبه عسكرية.
.. وترى هذه المصادر انه حتى لو سمح للحريري بتشكيل الحكومة، فإن الهدف من ذلك سيكون جعل حكومته تصطدم بثورة الجوع ، وبالتالي إسقاطها والذهاب لخيار الحكومة العسكرية.