-خاص الهديل-
مع تعاظم تردي الوضع المعيشي، ووصول نسبة الذين هم ما تحت خط الفقر في لبنان الى ما فوق الخمسين بالمئة، وانسداد الأفق السياسي، ما يعطي انطباعا للشعب اللبناني، بأنه يعيش في مزرعة محكومة من مافيات وليس من رجال دولة – مع كل هذه المعطيات، يجد مراقبون انه من الطبيعي أن ترتفع نسبة الجرائم في لبنان، وذلك إلى النحو الذي نشهده الأن، حيث يوميا تتناقل وسائل الإعلام اخبار حصول اشتباكات بين عائلات او حتى بين افراد الاسرة، كأن يقوم اب بقتل ابنه وزوجته او العكس، وحصول سرقات مختلفة الانواع، والعثور على قتلى عند مفارق الطرقات، إضافة لعمليات ترويج المخدرات الواسعة النطاق.
والواقع أن المشهد الحالي لشيوع الجريمة في لبنان، يجعل البلد اشبه ما يكون بأنه قطعة من شيكاغو ايام كانت هذه الأخيرة تحت حكم المافيات.
.. وهناك معدل حصول جريمة او اكثر كل يوم، وحصول عدة سرقات في اليوم الواحد، وحصول تفلت كبير وغير مسبوق لعمليات ترويج المخدرات؛ اضافة لتزايد ظاهرة الاشتباكات داخل احياء الفقر، وذلك بين جهات تتغطى بأنها عائلية، بينما هي بالغالب جهات تنتمي لسكك تهريب او ترويج المخدرات.
ويحدث كل هذا في لبنان ، بمقابل غياب اية خطة وطنية شاملة لمكافحة تعاظم ظاهرة الجريمة. وفيما لو استمر هذا الفلتان، فإن مراجع مختصة بعلم الاجتماع والجريمة تتوقع أن يذهب لبنان على مستوى واقع الجريمة فيه، في المدى المنظور إلى الوقائع التالية:
-أولا: تجذر ثقافة الجريمة في لبنان، بمعنى أن يصبح القتل من أجل تحصيل المال أو حماية سكك التهريب وترويج المخدرات حالة أمر واقع اجتماعي معاش في لبنان، وله شرعية قانون الغاب.
-ثانيا: حدوث تحالف مصلحي بين شبكات الجريمة المنظمة وشبكات الإرهاب التطرفي، وحينها سينشأ في لبنان نوع من المعضلة الأمنية التي تشبه الوباء الأمني.
-ثالثا: امكانية ان تصبح بيئة الجريمة غير محصورة بنطاق محدد، بل قد تتسلل ثقافة الجريمة إلى داخل مؤسسات لبنانية رسمية حساسة.
-رابعا: إن وصول لبنان الى واقع تفشي الجريمة المنظمة فيه، سيزيد من عزلته الدولية، وسيؤدي ذلك الى جعل الكثير من الدول تقوم بإجراءات تخفيف حضورها الدبلوماسي والتجاري والسياحي في لبنان.
يبدو ان المطلوب وعلى وجه السرعة، اعتراف الدولة بوجود مشكلة الجريمة في لبنان، وبوجود مشكلة أخطر تتمثل بأن الجريمة في لبنان بفعل الفقر وغياب الدولة، تتحول سريعا إلى نوع من الجريمة المنظمة. وعليه فيبدو مطلوبا ان يتم اعتماد خطة وطنية لمكافحة الجريمة تتكون من عدة اوجه، وتشتمل على جانب امني وإعلامي واقتصادي.