-خاص الهديل-
خلال فترة ليست قصيرة، كان هناك لجنة اتصال بين بكركي وبين حزب الله . وكانت هذه اللجنة تداوم بشكل دوري على التواصل بين أمانة عام حزب الله وبين موقع بكركي الذي يرأسه الكاردينال الراعي. في العام ٢٠١٥، وبعد الزيارة الدينية التي قام بها الكاردينال الراعي إلى القدس، اتخذ حزب الله قرارا بحل لجنة الاتصال مع بكركي، واوقف الحوار بينه وبينها. ومنذ ذلك التاريخ صار يمكن القول أن الطريق بين حارة حريك وبكركي أصبحت مهجورة، ولفرط الجفاء والقطيعة اللذين سادا بين الطرفين فقد " نبت العشب البري" على هذه الطريق، بحسب ما يقول المثل الشعبي.
خلال الأسابيع الاخيرة، وبعد طرح بكركي مبادرة حياد لبنان الناشط والدعوة لعقد مؤتمر دولي من أجل لبنان، نشطت شخصيات بشكل غير رسمي لإعادة الحوار بين بكركي وحزب الله . وتكثفت هذه المبادرات بعد خطاب امين عام حزب الله الاخير والذي حذر فيه من ما أسماه " المزح بموضوع الدعوة لعقد مؤتمر دولي، لأن هذه الدعوة ستجلب الحرب إلى لبنان". واعتبر كلام نصر الله موجها الى الكاردينال الراعي.
وأثر ذلك قامت أكثر من شخصية لها علاقة مشتركة ببكركي وبحزب الله، بمراجعة حارة حريك تحت عنوان القيام بإيضاح مبادرة الراعي للحزب، وايضا طلب ايضاح من حزب الله بخصوص ما اعتبره مراقبون تهديدا أطلقه نصر الله للكاردينال الراعي. وفي المعلومات ان حزب الله رد بالقول إن نصر الله لم يكن يقصد بكركي والراعي، خلال توجيهه النقد القوي للذين يدعون إلى تدويل الأزمة اللبنانية، ولكنه كان يقصد أولئك الذين دعوا إلى وضع لبنان تحت الفصل السابع في مجلس الأمن.
.. وبالمقابل اوضح الوسطاء بين بكركي وحارة حريك – وهم تبرعوا بهذه الوساطة من تلقاء انفسهم- إن الكاردينال الراعي يطرح مبادرته بخصوص الدعوة لمؤتمر دولي من أجل إنقاذ لبنان، بعدما تعطل الحل الداخلي، ومن أجل إنقاذ كل اللبنانيين، وهو لا يوجه دعوته هذه ضد أي فريق لبناني. .. والى هذا الحد ، بدا في الظاهر أن حدة التوتر انخفضت بين سيد بكركي وسيد حارة حريك، وجرى توقع أن يتراجع الكاردينال الراعي في خطابه امام مناصري مبادرته، عن الكثير من المواقف التي سببت غضبا لحزب الله .. ولكن كلمة الراعي يوم أمس أظهرت أن بكركي لن تتراجع عن حرف في مبادرتها، وأن خطاب الراعي امس كرر كل مواقف بكركي الاخيرة، وزاد عليها انه وضعها في إطار ممنهج، وذلك إلى حد ان خطابه امس، بات يمكن اعتباره وثيقة دولية تجيب عن أسئلة محددة، وتقدم اجابة واضحة بخصوص موضوع " ماذا يريد لبنان بالتحديد من المؤتمر الدولي ؟".
والواقع أن ما حصل بعد خطاب الراعي امس على مستوى العلاقة بين بكركي وحارة حريك، هو التالي:
-أولا، كلام الكاردينال الراعي امس، أظهر ان رد فعل السيد نصر الله العنيف على مبادرة بكركي بخصوص الدعوة لمؤتمر دولي، لم تعط ثمارها مع الراعي، بدليل أن الاخير لم يتراجع عن مبادرته بل ضمنها أيضا نقدا مبطنا لحزب الله.
-ثانيا، كلام الكاردينال الراعي أظهر ان حركة الوسطاء بين بكركي وحارة حريك لم تكن تحظى بطلب من بكركي.. وبات واضحا أن الكاردينال الراعي يريد حوارا مع الجميع، ولكن ليس على حساب تمسكه بمبادرته.
-ثالثا، يرى مراقبون انه يجب انتظار إطلالة – قد تكون قريبة- لنصر الله، حتى يتضح كيف سيتعامل الاخير مع عامل بكركي الصاعد على الساحة اللبنانية، وبضمنها الساحة المسيحية التي قلبت ولاءها من " الرئيس القوي" حليف حزب الله ، إلى البطريرك القوي سليل البطريرك الحويك وصولا للبطريرك صفير.
… يبدو " إن العشب البري سيستمر بالنمو على طريق بكركي – حارة حريك "، ذلك أن هامش التوسط بين الطرفين ضاق إلى حد كبير. والسؤال اليوم هو عن المرحلة المقبلة، وعما إذا كان ما حصل في بكركي امس، سيكون له ردود فعل خارجية وداخلية تكسر الركود الحاصل في ازمة تشكيل الحكومة، وفي ازمة الصمت الدولي تجاه لبنان؟؟.