وجه مؤسس ملتقى العدالة من أجل لبنان وشعبه – معاً من أجل إنقاذ لبنان السفير هشام حمدان رسالة الى السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، جاء فيها:
سعادة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان الأستاذ وليد البخاري السيد المحترم، سعادة السفير، تحية احترام وبعد،
لطالما وقفت المملكة العربية السعودية إلى جانب الشعب اللبناني في كل المحطات الحزينة التي مرّ بها وطننا الغالي. وقدّمت بلدكم الكثير من المساعدات الإنسانيّة والإنمائيّة والعسكريّة والعلميّة لنا. وفتحتم باب المملكة للبنانيين، وحملتم قضية لبنان إلى كل المحافل، وكنتم الصوت الصارخ للدفاع عن تراث وتاريخ هذا الوطن المميّز في هذا الشرق.
ومن موقعكم الرائد في الدفاع عن القضايا العربيّة العادلة،
يتشرف ملتقى العدالة من أجل لبنان وشعبه، بأن يضع بين أيديكم كتابنا الأول عن العدالة الذي هو نتيجة جهودنا منذ إنشاء الملتقى في آب 2020، وحتى نهاية كانون الأول 2020. وهذا الكتاب لا يتناول أفكارا سياسيّة،ـ بل يناقش بعمق في الحقوق اللبنانيّة وفقا للقانون الدولي، وقرارات الأمم المتّحدة والمفاهيم الحضاريّة المتوافق عليها في المجتمع الدولي.
كما أننا نضع بين أيديكم مشروع برنامجنا الإنقاذي للبنان، الذي يعتمد في شقه الأول على مفهوم العدالة المشروح في كتابنا المرفق، وأيضا على مفهوم بناء السلم بعد النزاع، الذي نعمل الآن على صياغة مبادئه وفقا لقواعد القانون الدولي، ومناقشات الأمم المتحدة، والتي نأمل أن تتوج بعدة مؤتمرات متخصّصة تفسح أمام رؤية علميّة بهذا الصدد لكن تتصل بالحالة اللبنانية فقط.
سعادة السفير، ماذا يريد السياديون اللبنانيون؟
1- نطالببفرض احترام اتفاقيّة الهدنة لعام 1949، ومنع أي اختراق لحدودنا الوطنيّة ضد إسرائيل، وكذلك لحماية وطننا من أي اختراق إسرائيلي لحدودنا الوطنية. ونريد أن تقوم لجنة خبراء دوليين محايديين، بمساعدة لبنان وإسرائيل وسوريا على ترسيم حدودهم البريّة والبحريّة، وفقا لاتفاقيّة الهدنة. هذا واجب الأمم المتحدة الأول، وفقا للمادة 40 من الفصل السابع من الميثاق التي استندت إليها اتفاقية الهدنة.
2- نطالب بمساعدتنا لكي يقوم المجتمع الدولي بتنفيذ قراراته الدوليّة، ولاسيما لاستكمال تنفيذ القرار 1701 لعام 2006 لجهة:
أ- تنفيذ مضمون قراره 1559 القاضي بمنع أي سلاح غير سلاح الجيش اللبناني، على الأراضي اللبنانية. وهذا لن يتحقق من دون تحويل قوة الطوارئ في جنوب لبنان إلى قوّة ردع. فلن يعيد السلام إلى لبنان إلا التدخل الأممي الحاسم والحازم. نحن نخشى كثيرا أن تحصل تفجيرات مرعبة أخرى، كتفجير المرفأ. فوطننا وشعبنا المدني، يعيش على أرض زرعت قنابل بين بيوته التي يسكنها الأطفال والنساء والشيوخ، والتي أقام عليها المدارس والمستشقيات، والشركات التجارية والمؤسسات المهنية.
ب- استكمال التطبيق الكامل للدستور.
ج- المساعدة في تحديد الحدود مع سوريا لتسوية موضوع مزارع شبعا.
3- نريد حياد لبنان. لقد دفعنا طويلا ومنذ أتفاق القاهرة، عام 1969، الأثمان الباهظة للحروب والنزاعات المتعلقة بفلسطين. وكنا مسرح التجارب التي خاضها القادة الديكتاتوريين العرب ولا سيما نظام حافظ الأسد، الذي شرّع لبنان لكل أبواب حروبه ورفض أن يطلق رصاصة واحدة من بلادده. وهوالذي افسح أمام المطامع الإقليمية ولاسيما مطامع إيران، وأيضا للحروب الكونيّة على ارض لبنان خلال الصراع الإيديولوجي بين الشرق والغرب، وما بعده.
نحن لا نريد أن نكون طرفا في الصراعات الإقليمية والدوليّة. نريد فقط حماية أمن وطننا، وحقوقنا المشروعة، ومستقبل ابنائنا وأحفادنا. ونريد أن نعود مركزا للحوار الحضاري الدائم، بين كل المعتقدات والأديان والمذاهب والثقافات. ونريد أن نكون الجسر الثقافي بين الشرق والغرب. لطالما دافعتم عن هذا الدور للبنان. هذا هو دورنا كشعب أكّد مع شعوب الدول المحبة للسلام في إعلان مؤتمر سان فرنسيسكو عام 1945، الإلتزام والعمل معا، لدفع مبادئ وأهداف الأمم المتّحدة. وقد ساهمنا بوضع إعلان حقوق الإنسان عام 1948، كما ساهمنا معكم بإنشاء جامعة الدول العربيّة، أيضا، وساهمنا عام 1998 بأطلاق ميثاق المحكمة الجنائية الدولية. نحن نريد أن يكون وطننا نموذجا لثقافة السلام بين الشعوب، ولدفع مبادئ حفظ الأمن والسلم الدوليين، والتعاون من أجل رفاه الشعوب وتقدمها وازدهارها.
عام 1978، صرخ الراحل الكبير غسان تويني في مجلس الأمن في الأمم المتّحدة، قائلا: "دعوا شعبي يعيش"، فكان القرار 425 الشهير. وقد وقفتم إلى جانبنا في كفاحنا من أجل الحياة. والآن نقول لكل الدول الصديقة والمخلصة في الجامعة العربية، وفي الأمم المتحدة: "دعوا شعبنا يعيش،نريد حيادنا". فتجاوبوا معنا.
4- شكرا لكم، لدعمكملبيروت الجريحة والحزينة، بعد التفجير الجريمة في مرفأ بيروت. ونحن نردد مع سيدنا غبطة البطريرك الراعي: " هذه جريمة موصوفة ضد الإنسانية". ونقول لكم " نريد العدالة القضائيّة الدوليّة". نريد أن تقودوا في مجلس الأمن، طلبنا بإحالة هذه الجريمة إلى المحكمة الجنائيّة الدوليّة. لا نريد لأحد أن يفلت من العقاب كائنا من كان. ولا حصانة لأحد. إنها شرعة المحكمة الجنائيّة الدوليّة المستقلة التي شاركنا معا، بإنشائها لحماية الشعوب الضعيفة، مثل شعبنا، من عبث السياسيين الفاسدين الذين يسوقون شعوبهم، إلى الموت المجاني والخراب والدمار.
5- نطالب بمساعدة لبنان، لإعادة بناء السلم بعد النزاع. شاركت بلادكم معنا منذ عام 1995، بتحديد عناصر هذا المبدأ الأساسي الذي أضافه أمين عام الأمم المتّحدة، إلى مفكرته من أجل السلام، بناء لطلب قمة مجلس الأمن عام 1992، وذلك بغية ضمان الأمن والسلم الدوليين. وأنتم تدركون كل هذه العناصر. ونحن ندركها وسنعمل معكم بوحيها.
وفي هذا الإطار، نتطلع إليكم لمساعدتنا في إقامة مؤتمر وطني لبناني، برعاية الأمم المتحدة، بعنوان "المصارحة والمصالحة"، كما حصل في جنوب إفريقيا، حيث يعترف خلاله أمراء الحرب بما جنته أيديهم من قتل، وسحل، وتدمير، وخراب، وما وصلت إليه البلاد من فساد، وديون ونهب لثروات الشعب، ويتنازلون عن دورهم السياسي مع المثول عند الحاجة أمام القضاء الذي سيدقق في كل ثرواتهم التي جنوها خلال توليهم السلطة، ويتركون كراسيهم في السلطة، ويعيدون تنظيم أحزابهم وفقا لمبادئ الدستور الذي أوقفوا تطبيقه منذ عام 1992. عندها تتم المصالحة الحقيقة للشعب وتنطلق مسيرة بناء السلم بعد النزاع.
نعدكم كشعب حر أن نكون جزءا ناشطا ومفيدا، في الحركة الناشطة للإقتصاد الدولي، ونتابع إلتزامنا بمبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتّحدة. كما سنكون مفيدين لأشقائنا العرب، في تعزيز علاقاتهم الإقتصادية مع دول العالم. أبناؤنا موجودون بينكم، في بلدانكم، وفي كل دول العالم وساهموا في تطور وازدهار كافة الشعوب. سنحترم الصورة التي أقاموها لوطننا في العالم. هم حافظوا على رسالة أجدادنا، فكانوا رسل سلام ومحبة وعمل واحترام، للشعوب الأخرى.
وتقضلوا سعادة السفير بقبول فائق الإحترام".