-خاص الهديل-
ما يحدث منذ فترة على الحدود الجنوبية بين لبنان وفلسطين المحتلة، يثير قلق دوائر سياسية وعسكرية في لبنان وخارجه.
ويلاحظ في هذا السياق نوع من الحراك العسكري والأمني الخارج عن سياق الستاتيكو الأمني والعسكري القائم في تلك المنطقة الحدودية منذ ان وضعت حرب العام ٢٠٠٦ أوزارها.
اولا جاءت حادثة إطلاق الصواريخ من لبنان باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة في توقيت له دلالاته، وضمن رسالة سياسية مفادها انه في حال تطور التصعيد في القدس المحتلة فان جبهة لبنان ستكون داخل المعركة هذه المرة بين حماس وإسرائيل، وربما ان الطلقة الأولى في معركة القدس ٢ ، ستبدأ هذه المرة من لبنان وليس من غزة التي ستلتحق بالمعركة .
ثانيا – لقد ردت إسرائيل على إطلاق الصواريخ من لبنان بشكل محسوب، وعلى نحو يظهر أن الحكومة الجديدة في إسرائيل لا تريد حربا في هذه المرحلة مع حزب الله.
ولكن يلاحظ متابعون امنيون ان إسرائيل كانت منذ بدايات هذا الشهر، بدأت تصعدا سياسيا ضد حزب الله عبر اتهامه بانه المسؤول عن إيصال لبنان الى حالة انهياره الاقتصادي، وأنه قد يعمد الى نقل الفوضى في لبنان الى إسرائيل، وهذا ما لم تسمح به تل أبيب.
وتزامن هذا التصعيد السياسي الاسرائيلي ضد حزب الله انطلاقا من وضع لبنان الداخلي، مع كلام الرئيس الأميركي بايدن قبل يومين حول تشديد الحصار الاقتصادي عل لبنان لاسباب ذات صلة بتقويض النفوذ الايراني في بلد الأرز
والواقع أن كل هذه المعطيات الواردة اعلاه تؤشر إلى الحقائق الخطرة التالية :
أ – الاشتباك الاميركي الايراني الذي كانت تعبيراته العسكرية الباردة والسياسية الحامية، منحصرة حتى وقت قريب فوق الساحة العراقية، بدأت على ما يبدو يالانتقال إلى الساحة اللبنانية؛ وعليه فان الصواريخ المجهولة التي انطلقت من لبنان باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، من دون الإعلان عن الجهة التي اطلقتها، تشبه في حقيقة الامر، الصواريخ التي يتم إطلاقها في العراق صد قواعد أميركية من دون الإعلان عن هوية مطلقيها. وبالتالي فإن أساليب التعبير عن الاشتباك الايراني مع واشنطن في العراق بدأت تمارس في لبنان . وعلى هذا فان توقيت كلام بايدن عن حصار لبنان لاسباب ذات صلة بمطاردة أذرع ايران في المنطقة، يمثل تمهيدا لمرحلة أميركية جديدة من التعاطي مع لبنان المرشح لان يصبح ساحة تصعيد موازية لساحة تفاوض فيينا.
ب – يتوقف المراقبون عند زيادة عمليات تهريب الأسلحة عبر لبنان الى فلسطين المحتلة – حسبما تقول إسرائيل – ؛ و تدعي تل أبيب ان حزب الله مسؤول عنها، وان غايته منها إيصال السلاح إلى الضفة الغربية لتثوير المنطقة هناك ضد الاحتلال الإسرائيلي، وصد السلطة الفلسطينية ( محمود عباس).
ويرى هؤلاء المراقبون انه تم على ما يبدو اعتماد لبنان ممرا لتهريب السلاح لحماس في الضفة الغربية ومناطق سلطة ابو مازن. وهذا الأمر يعبر عن أحد وجوه بدء تصعيد امني على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، يترافق ويرافق التصعيد العسكري الذي بدأ قبل أسبوع بإطلاق صواريخ مجهولة الهوية من لبنان باتجاه أراضي الشمال الفلسطيني المحتل.
السؤال الخطر الذي يطرح نفسه اليوم،هو : هل دخل لبنان مرحلة الساحة المكشوفة لما يحدث من تفاوض في فيينا.وهل أصبح لبنان ساحة صدى عسكري، يلتحق بساحة الاشتباك المستمر في العراق بين الأميركيين وفصائل ايران العراقية، مع فارق ان طرفي الاشتباك في لبنان سيكونا إسرائيل وحزب الله.