-خاص الهديل-
ظهرت خلال الساعات الـ ٤٨ التي أعقبت تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة العتيدة، سلسلة مواقف دولية علقت على تكليفه، ودعت إلى الإسراع في تسهيل تشكيل حكومته.
وأبرز موقفين على هذا الصعيد تمثلا بتصريح للخارجية الأميركية امس دعت فيه الرئيس المكلف (ميقاتي) إلى تشكيل الحكومة سريعاً، ومواصلة الإصلاحات.
أما الموقف الثاني فصدر عن وزير الدولة البريطانية لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جايمس كليفيرلي الذي أعلن أن الشعب اللبناني يحتاج لحكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات الموعودة منذ فترة طويلة. وشدد على أنه على قادة لبنان أن لا يضيعوا المزيد من الوقت. وقال ان المجتمع الدولي على استعداد للمساعدة، ولكن يجب أن يتحرك اللبنانيون الآن.
والواقع أن القراءة السياسية للموقفين الاميركي والبريطاني يظهران التالي:
أولاً- ان واشنطن ولندن لا تزالان عند المربع ذاته الذي يربط مساعدة المجتمع الدولي للبنان بعامل تشكيل حكومة قادرة تبدأ بتنفيذ الإصلاحات. أي ان قرار واشنطن ومعه المجتمع الدولي لا يزال واضحاً لجهة ان المساعدات الدولية لن تأتي إلى لبنان إلا بعد تشكيل حكومة تبدأ الإصلاحات.
ثانياً- واشنطن كما لندن، هما مع تشكيل حكومة خلال وقت سريع، فالخارجية الأميركية تدعو ميقاتي للإسراع في تشكيل الحكومة، والوزير البريطاني كليفيرلي يحذر القادة اللبنانيين من إضاعة المزيد من الوقت، ويشدد على "ان عليهم التحرك الآن" وفوراً.
وكلا الكلامين الاميركي والبريطاني ينسجمان مع ما اعلنته مصادر ميقاتي، عن ان الأخير يريد ويصر على تشكيل حكومة في وقت سريع، وأنه يرغب بالتشكيل قبل يوم ٤ آب، إو في غضون الشهر المقبل على ابعد تقدير، وهو -اي ميقاتي- لن يكون مستعداً لإطالة أمد التفاوض على تشكيل الحكومة.
وانطلاقاً من كل هذه المعطيات، يبدو بحسب معلومات، ان الدعم الدولي لمحاولة ميقاتي تشكيل حكومة تبدأ بالاصلاحات، ليس مفتوحاً زمنياً، بل هو دعم قد يتبدد في حال طال أمد عملية التشكيل، أو تكرر مع ميقاتي ما حصل مع تكليف الرئيس الحريري، لجهة إطالة أمد عملية التفاوض الداخلي على التشكيل.
ثالثاً- يمكن القول بحسب التصريحين البريطاني والاميركي، ان ميقاتي لديه فترة سماح دولي لتشكيل حكومته، تمتد ما بين ٤ آب كموعد اولي ومرغوب للتشكيل، وآخر شهر آب المقبل، أو ما بعده بوقت قليل، كموعد الحد الاقصى الأخير لإنهاء مهمة التشكيل؛ وبعد هذا التاريخ فإن ميقاتي سيصبح رئيساً مكلفاً من دون حماس دولي لمهمته، ومن ثم سيتبدد الدعم الدولي لمهمته تدريجياً، وذلك كلما تم صرف المزيد من الوقت في عملية التشكيل.
رابعاً- حتى الآن ليس هناك موقف عربي، وخاصة خليجي من مهمة ميقاتي، فالخليجيون ينتظرون أمرين اثنين: اولهما سرعة التشكيل، وثانيهما نوعية الحكومة، وما اذا كانت ستبادر حكومة ميقاتي إلى البدء بالاصلاحات الاقتصادية المطلوبة دولياً، ومن جهة ثانية، ما اذا كانت ستبادر الى القيام "بتصحيحات سياسية"؛ بمعنى إعادة تصويب المسار السياسي الرسمي اللبناني بخصوص موقع لبنان في منطقته .. واستدراكاً ما إذا كانت حكومة ميقاتي ستتخذ مواقف خارجية تؤكد عودة لبنان الرسمي إلى محيطه العربي.
وبإزاء كل هذا الواقع الدولي المشروط، فإن ميقاتي يحاول السير في مهمته، وفق ثلاثة تكتيكات:
الأول اتباع مسار يتسم "بالسرعة " في التشكيل من دون حدوث "حالات تسرع" تؤدي إلى انتكاسات في مسار تشكيل الحكومة.
ويحاول ميقاتي ضمن هذه النقطة، إغراء عون بالدعم الدولي الذي سيصبح كريماً اذا شكلت الحكومة باكرا، حتى يوافق (عون) على موعد ٤ آب كتوقيت ممكن لإعلان تشكيل الحكومة، أو ان يصر إلى تشكيلها في موعد لا يتجاوز نهاية شهر آب.
الثاني: حكومة ذات تركيبة توحي بقدرتها على القيام بخطوات إصلاحية، ما يطمئن الغرب، وحكومة تتسم بنوعية سياسية لا يوجد فيها ملامح نافرة لحزب الله، مما يطمئن العرب.
الثالث: سيحاول ميقاتي تشكيل حكومة اختصاصين تحت عنوان انها حكومة انتخابات، ولكنه سيحاول حماية حكومته من السقوط بالشارع في حال لم تغطه الاحزاب السياسية داخلياً، وذلك خلال تفاوضه مع صندوق النقد الدولي الذي سيطلب من حكومة ميقاتي بدء مرحلة فرض ضرائب مركبة وقاسية على المواطن اللبناني.