_خاص الهديل_
تتجه المنطقة في أكثر من دولة فيها نحو مواجهة إستحقاق الإنتخابات النيابية والرئاسية وكل واحدة من هذه الدول سيؤدي إجراء الإستحقاق الإنتخابي فيها إلى رسم طريق جديد لتفاعل أزماتها الراهنة سواء سلباً أو إيجاباً كما أن إجمالي مشهد نتائج هذه الإستحقاقات الإنتخابية سترسم طبيعة المناخ السياسي العام الذي سيسود المنطقة خلال الفترة القريبة المقبلة .
وضمن هذا السياق يجدر ملاحظة أن إستحقاقات الإنتخابات العامة التي جرت في المغرب والجزائر ودول أخرى في شمال أفريقيا أدت إلى نتائج متشابهة من حيث تراجع تمثيل أحزاب الإسلام السياسي على نحو كبير وأدت بالتالي إلى مشهد خروج الإخوان المسلمين من موقع القوة الحاكمة أو الوازنة في حكومات وبرلمانات هذه الدول وأصبحت هذه القوى بعد هذه الإنتخابات تتجه لتصبح قوى هامشية من حيث تمثيلها السياسي والشعبي والبرلماني والحكومي.
وبهذا المعنى فإن إنتخابات دول شمال أفريقيا المغرب العربي وبضمنها ما حدث في تونس مؤخراً، رسمت مشهد طي صفحة الإخوان المسلمين والإسلام السياسي كقوة صاعدة في هذه المنطقة من العام ٢٠١١.
وخلال الفترة الراهنة ستشهد دول المشرق العربي من العراق إلى لبنان وصولاً إلى مناطق السلطة الفلسطينية إنتخابات نيابية عامة ورئاسية ويتم النظر دولياً إلى كل واحدة من هذه الإستحقاقات على أنها الحدث الأهم في هذه الدول وفي كل منطقة المشرق والسؤال بخصوص إنتخابات منطقتنا في المشرق العربي هو هل ستؤدي نتائج الإنتخابات في هذه الدول إلى تراجع قوة تمثيل أحزاب الإسلام السياسي الشيعي او الحليفة لإيران وذلك على نفس النحو التي تراجعت فيها قوى الإسلام السياسي السني في المغرب العربي وبكلام آخر هل يتراجع نسبة تمثيل الحشد الشعبي في العراق وحزب الله في لبنان وحركة حماس المتحالفة مع المحور الإيراني في مناطق فلسطين المحررة أم الإسلام السياسي الشيعي أو المتحالف مع إيران ستحافظ على قوتها التمثيلية وستبقى قوى وزانة ومتحكمة بمعادلات الحكم في دولها؟
إن الإجابة عن هذا السؤال ستبين كيف ستذهب أحوال العراق بعد الإنتخابات وكيف ستذهب أحوال لبنان بعد إنتخابات أيار وبأي مسار ستدخل تطورات الوحدة الفلسطينية بين غزة والضفة الغربية؟
معظم التقديرات الأولية قبيل إنتخابات المغرب كانت تؤكد أن حزب العدالة والتنمية (إخوان المغرب) سيحافظ على قوته التمثيلية الوازنة والمتحكمة بتشكيل حكومات المغرب ولكن الإنتخابات الأخيرة حققت مفاجآة تراجع هذا الحزب من المكانة الثانية إلى المكانة الثامنة.
وعليه ثمة من يعتبر أن التأكيدات الإحصائية الأولية التي تقول أن قوة حزب الله داخل بيئته وداخل معادلة الحكم في لبنان لن تتغير نتيجة إنتخابات أيار، هي تأكيدات قد تكون من حيث مصداقيتها شبيهة بالتأكيدات التي كانت تقول عشية إنتخابات المغرب أن قوة حزب العدالة والتنمية لن تتغير وبمعنى آخر فإن هذه التأكيدات عن أن الإنتخابات لن تحمل جديداً على وضع أحزاب الإسلام السياسي السني والشيعي في دول المنطقة ليست بالضرورة تأكيدات صائبة او في محلها.
ونفس الأمر يمكن توقعه في مناطق السلطتين الفلسطينية في غزة والضفة اذا قد يتضح أن كل التقديرات التي تعطي حماس أولوية خلال الإنتخابات الفلسطينية المقررة والمؤجلة بإنتظار التوافق على موعدها ستكون شبيهة بتلك التقديرات التي أعطت الإخوان المسلمين في المغرب أولوية الفوز قبيل إنتخابات المغرب والأمر نفسه قد ينطبق على ما قد تحمله نتائج الإنتخابات في العراق لجهة حدوث مفاجأة تراجع وانكفاء مكانة الحشد بعد الإنتخابات العراقية.
و بنظر مراقبين فإن إنتخابات لبنان والعراق والمناطق الفلسطينية المحررة تتم من منظار دولي وإقليمي وداخلي ضمن رؤية واحدة وهي هل ستصبح موازين القوى في برلماناتها بفعل الإنتخابات خارج سيطرة أحزاب الإسلام السياسي كما حدث في دول المغرب العربي؟
وبكلام اوضح هل سيغير المجتمع المدني الفلسطيني واقع إنقياد غزة لحماس وإنقياد الضفة لفتح وتتم ولادة قوى فلسطينية مدنية جديدة تشبه البنى الإجتماعية المدنية الفلسطينية التي انتفضت داخل الخط الاخضر؟
وفي العراق هل ستكسر قوى المجتمع المدني إحتكار القوى التقليدية للسلطة وهل ستهمش هذه القوى المدنية دور الحشد الشعبي داخل البيئة العراقية الشيعية وداخل كل معادلة الحكم العراقي؟
وفي لبنان هل ستقلب قوى المجتمع المدني من خلال إنتخابات أيار الطاولة على رؤوس أحزاب الطبقة السياسية أو أقله هل ستصبح تمثيلها بأضرار لها دلالات سياسية؟ واستدراكاً هل سيفرض المجتمع المدني الشيعي على حزب الله التراجع إلى مرتبة متدنية عن التي يتصدرها اليوم أو أقله هل ستحرم قوى المجتمع المدني اللبناني من كل الطوائف حزب الله من نيل أغلبية سياسية في البرلمان متحالفة معه؟
والواقع أن إنتخابات أيار في لبنان وإنتخابات العراق وإنتخابات مناطق فلسطين المحررة يوجد بينها جميعاً ترابط وذلك من حيث أن نتائج هذه الإنتخابات ستحدد ما إذا كانت دول هذه المنطقة مقبلة على تغيرات إيجابية أو سلبية وما اذا كانت هذه الدول ذاهبة لإحداث تغيير في أوضاعها الداخلية أم أنها ذاهبة إلى مربع الإستمرار بالمراوحة داخل ستاتيكو أزماتها الراهنة.
أحدث الأخبار
- دولار السوق السوداء..19-5-2022
- جوزف أبوفاضل: عون سيلجأ إلى المماطلة ولبنان يتجه للفراغ الرئاسي
- عناوين الصّحف الصادرة اليوم الخميس 19-05-2022
- الأمير سعودي يرد على نصر الله
- إطلاق نار أمام منزل الرئيس اردوغان
- ديفيد هيل: الإنتخابات اللبنانية لا تقدم أي خلاص
- الأصوات بين الأدنى والأعلى
- ظاهرة غريبة في مجلس النواب