– خاص الهديل –
في خلال الإنتخابات الرئاسية الماضية كان العونيون يحتاجون حزب الله لإيصال ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية، وفي الإنتخابات النيابية الحالية يحتاج العونيون، وبخاصة "الباسليون" حزب الله لردم هوة خسائرهم في الشارع المسيحي.
وبعد الإنتخابات النيابية المنتظرة، يتطلع باسيل للحصول على "الوعد الرئاسي الصادق" من نصر الله لنيل رئاسة الجمهورية.
وعليه لا أحد يصدق، أو يجب أن يصدق، وبخاصة نصر الله، بأن باسيل على عتبة إنقلاب ضد تفاهم مار مخايل.
وداخل حلقات مسلسل حاجة العونيين الإنتخابية النيابية والرئاسية لرافعة حزب الله الداخلية، توجد مواقف لباسيل مغايرة، غير أن هذه المواقف لا تعبر عن حقيقة نواياه، بل تشبه الإعلانات التجارية التي تخالف مضمون نص "مسلسل تفاهم مار مخايل"، ويتم قبولها من مخرج المسلسل ومنتجه، وهو حزب الله، نظراً لأن عرض هذه الإعلانات التجارية الإستهلاكية بين فقرات المسلسل مخصصة لتسديد حاجاته المادية، ولضمان أن تستمر عرض حلقاته فوق الساحة المسيحية وبين مشاهديه داخل القاعدة الشعبية العونية.
إن "تفاهم مار مخايل" هو فاصلة داخلية إعتراضية داخل جملة الثنائية الشيعية المؤلفة من متن محلي وإقليمي، ولا يمكن لتفاهم مار مخايل أن يكون له داخل الجملة الداخلية الشيعية صفة الفاعل، بل سيبقى تفاهم مار مخايل من منظار نصر الله، له صفة مضاف إليه لإسم حركة أمل وللتفاهم الشيعي – الشيعي.
وأكثر من يعرف هذه الحقيقة هو جبران باسيل والمقربون منه داخل التيار العوني.
والواقع أن باسيل وصلت إليه هذه الحقيقة، بعد سلسلة إختبارات حاول خلالها إحراج حزب الله، ووضعه أمام لحظة مفاضلة بين إعطاء الأولوية لتفاهمه مع التيار العوني أو لإتفاقه مع حركة أمل!
وبعد كل واحد من هذه الإختبارات، كان باسيل يتأكد أكثر أن حارة حريك لا تسمح لنفسها بأن تفكر، ولو للحظة، قبل أن تحسم قرارها القاطع بإعطاء الأولوية لحركة أمل، وللحفاظ على العلاقة القوية مع "دولة الرئيس الأخ الأستاذ نبيه بري" كما يحرص نصرالله على أن يسميه بإسمه الرسمي الكامل، كلما ذكره في خطاباته.
هناك ثلاثة أمور في موضوع علاقة نصرالله بحركة أمل وبرئيسها نبيه بري، يتوجب على باسيل أن يعرفها، وأن لا تغيب عنه أبدا، في أية مرحلة وفي ظل أي ظرف:
• أول هذه الأمور تتمثل بأن حزب الله خرج تنظيمياً من رحم حركة أمل، وأن الطرفين يقيمان شعبياً في بيت واحد، ويستظلان بشرعية عباءة واحدة هي عباءة الإمام موسى الصدر، وعليه فإن خلافهما يعني إنهيار البيت الداخلي لكليهما، بمثلما أنه يسبب كارثة للبيت الشيعي ككل.
• الأمر الثاني الذي يجب أن يلتفت إليه باسيل هو أن ثنائية حركة أمل وحزب الله موجودة بإتفاق إقليمي عمره أكثر من أربعة عقود، وهو لا يزال مستمراً رغم تغير ظروف سورية وتبدل أحوال لبنان. وطرفا هذا الإتفاق الإقليمي، هما إيران وسورية، ومضمونه أن حركة أمل لها بعد إقليمي سوري، فيما حزب الله هو وديعة إيران داخل البيت الشيعي اللبناني وداخل العلاقة الإستراتيجية بين طهران ودمشق.
صحيح أن الظروف تغيرت منذ توقيع إتفاق دمشق – طهران، سواء داخل سورية أو داخل علاقة حزب الله بأمل وعلاقة الأخيرة بسورية، ولكن ما بقي قائماً من هذا الإتفاق الإقليمي هو إستمرار إلتزام نصرالله وطهران كلياً بمضمونه، ولو حتّى من جانب واحد.
وبكلام آخر فإن شبكة العلاقة بين حركة أمل وحزب الله تبدأ – من وجهة نظر نصرالله وخامنئي – بخط العلاقة الإستراتجية الموجود في إيران والذي يمر بسورية وينتهي بلبنان. وهذا يعني أن علاقة الثنائي الشيعي هي "جزء محلي لبناني" من "الكل الإقليمي"، وليس سهلاً فرطها لأسباب داخلية مهما كانت هذه الأسباب.
• الأمر الثالث هو أن علاقة الثنائي الشيعي تصنف داخل التفكير السياسي الشيعي في المنطقة، وليس فقط في لبنان، على أنها ضمانة إستراتيجية لإستمرار وحدة البيت الشيعي اللبناني، ولمنع تكرار الصدام فيه كما حصل في نهاية ثمانينيات القرن الماضي وأسفر عن نحو ثلاثة آلاف شيعي بين قتيل وجريح.
وعليه فإن ثنائية حزب الله وأمل، ضمن توجهات إيران وحزب الله، لا تعتبر تفصيلاً لبنانياً محلياً بل يتم النظر إليها على أنها من الأساسيات الصلبة التي يقوم عليها البيت الشيعي في لبنان مع كل إمتداداته الإقليمية.