– خاص الهديل –
هذا هو موعد الإنتخابات الذي يناسب حزب الله..
يقف حزب الله على مفترق طرق دقيق، وهو يتلمس خطواته السياسية بإتجاه ثلاثة تطورات، كل واحدة منها تطرح عليه تحديات أكبر من الأخرى، وتشكل بالنسبة له إمتحاناً صعباً:
• التحدي الأول هو ما ستسفر عنه مفاوضات فيينا بين إيران والغرب، وكيف ستؤثر عليه نتائجها.
وقبل أيام عندما قال نصرالله أنه لم يعد يحتاج لأن ترسل إليه إيران المسيّرات والصواريخ الدقيقة، فقد إعتبر الكثيرون أن هذا الكلام هو محاولة إستباق منه لنتائج مفاوضات فيينا التي قد تسفر عن إضطرار إيران للموافقة على تحديد نفوذها في المنطقة، والتخلي أو أقله وقف دعمها العسكري لأذرعها في دول عربية، وبالأخص في لبنان حيث حزب الله يمثل أهم ذراع عسكري إيراني في كل الشرق الأوسط.
وقصارى القول هنا، هو أن إنتظار حزب الله لنتائج مفاوضات فيينا، تحتم عليه إتخاذ خطوات عسكرية وسياسية إستراتيجية وإستباقية، حتّى لا تفاجأه رياح فيينا التي قد تكون عاصفة عليه سياسياً وحتّى عسكرياً.
وعليه، فإن الحزب أراد من إرسال “طائرة حسان” في هذا التوقيت، القول أن سلاحه لم يعد إيرانياً، أي أن نصرالله كان حريصاً على إنهاء مفاعيل عبارته الشهيرة التي طالما رددها في السنوات الماضية، وهي أن كل سلاح حزب الله وكل أموال حزب الله هي من إيران. والواقع أنه في لحظة أن عشية وصول فيينا إلى نتائج سياسية، فإن نصرالله تقصد القول أن ترسانة مسيّراته وصواريخه الدقيقة التي هي محل مطالبة من أميركا وإسرائيل بتفكيكها، لم تعد من إيران، بل هي تصنع من قبل حزب الله في لبنان.
وبمعنى أدق، أراد نصرالله القول أن سلاحه لبناني وأن من يريد الكلام عن مصير سلاحه فعليه التحدث مع حارة حريك وليس مع ممثل إيران في مفاوضات فيينا.
• التحدي الثاني الذي هناك سباق زمني بينه وبين إنتظار حزب الله لنتائج فيينا، هو إستحقاق أيّار الإنتخابي الذي يطرح على حزب الله سؤالاً مقلقاً، وهو ماذا لو تزامنت نتائج فيينا التي قد تفرض على حزب الله ضغوطات سياسية خارجية ناتجة عن فواتير ستدفعها طهران مقابل عودة أميركا للإتفاق النووي، مع عدم تمكن حزب الله في إنتخابات أيّار من الحصول على أغلبية نيابية في البرلمان الجديد.
وأيضاً، ماذا لو لم يستطع حزب الله ضمن مرحلة ما بعد نجاح مفاوضات فيينا إيصال رئيس للجمهورية في لبنان متناغم مع خطوطه الحمر الداخلية؟ وإستدراكاً ماذا لو أسفرت الإنتخابات عن توازن سياسي لبناني داخلي تمثيلي لا يعطي حزب الله القدرة على تعطيل أية قرارات تمس بخطوطه الحمر في البرلمان وفي الحكومة؟
وخلاصة القول هنا، هو أن حزب الله الذي يتحسب لضغوط خارجية عليه لإجباره على دفع ثمن نتائج مفاوضات فيينا، لا يمكنه القبول بنتائج إنتخابات تؤدي إلى جعله يدفع ثمناً داخلياً نتيجة عدم تمكنه في إنتخابات أيّار من نيل أغلبية نيابية وقدرة تعطيل في الحكومة.
وعليه، فإن حزب الله معني في هذه المرحلة على نحوٍ ملحٍ بتحصين وضعه الداخلي ليكون أقوى في صد الضغوطات الخارجية التي قد تنشأ بعد مفاوضات فيينا.
ومن هنا، فإنه يسعى لأن تؤدي نتائج إنتخابات أيّار إلى نيله الأغلبية النيابية وإمتلاك الثلث المعطل في الحكومة وأن يبقى قصر بعبدا حليفاً له.
إن هذه الرؤية للحزب تجعله يفضل أن تجري الإنتخابات قبل إنتهاء مفاوضات فيينا، هذا إذا كان الحزب يضمن مسبقاً أنه سيفوز بأغلبية نيابية مع حلفائه؛ أما إذا كان الحزب يشك بذلك، كما هو حاله اليوم، فحينها سيفضل تأجيل الإنتخابات إلى ما بعد إتضاح صورة ما ستسفر عنه فيينا. وما اأذا كان سيكون للحزب حصة من نتائج فيينا وما هي طبيعة هذه الحصة؟
• التحدي الثالث الذي يواجه الحزب في هذه الفترة، هو كيف سيبلور حزب الله موقفه من ملف الحدود البحرية وتقاسم حقول الغاز مع إسرائيل، وذلك عندما يصبح هذا الملف قيد التوقيع عليه بين بيروت وتل ابيب؟ فهل سيوافق الحزب على ما تقرره الدولة كما يقول دائما؟ أم أنه سيضع شروطه على مسار الحل الخاص بهذا الملف وفقاً لطبيعة المرحلة الجديدة التي يمر فيها الإقليم، ووفقاً لإنعكاساتها عليه.
والواقع أن عملية إرسال الحزب طائرة حسان إلى العمق الفلسطيني المحتل، هي رسالة مبكرة من الحزب للجهات الخارجية والداخلية الساعية لإنهاء ملف الترسيم البحري ضمن رؤية أنه هذا الترسيم هو مدخل الحل الوحيد لأزمة لبنان الإقتصادية وذلك على نحوٍ يتجاوز حيثية حزب الله كلاعب وازن داخلي وإقليمي.
إن هذا المسار ينظر إليه الحزب بوصفه مساراً يريد إضعافه داخلياً عبر إنتخابات لا تؤمن له الأغلبية النيابية، ويريد إضعافه ضمن بيئته الشيعية عبر ربط تحسين الوضع المعيشي للبنانيين، وضمنهم الشيعة، بترسيم الحدود البحرية وأموال الغاز وصندوق النقد الدولي، وكل هذه المصادر لضخ المال إلى الاقتصاد اللبناني لا تناسب تطلعاتها السياسية توجهات حزب الله في لبنان.