-خاص الهديل –
امس أعلن جبران باسيل انه الكتلة النيابية الأكبر والتكتل السياسي الأكبر.
يريد باسيل من اعلان ذلك التأكيد على أن تياره لا يزال القوة السياسية الأكثر تمثيلا في الشارع المسيحي، والترجمة السياسية لهذه العبارة انه بمقتضى مقولة ان يأتي الرؤساء الثلاثة من نادي الاحزاب الأكثر تمثيلا لطوائفهم نيابيا، فإن المرشح الطبيعي لرئاسة الجمهورية هو رئيس التيار الوطني الحر الأكثر تمثيلا للمسيحيين في البرلمان الجديد.
وفي نقطة ثانية، طالب باسيل في كلمته امس جميع القوى السياسية بعدم احتساب كتلته على اي أكثرية في لبنان، او على اي محور داخلي او خارجي.
ويريد باسيل من هذا الإعلان، رسم خط على مستوى المقاربة السياسية الداخلية بين العونيين بعد الانتخابات وبين حزب الله.
والواقع أن هذه الرسالة الباسيلية عن استقلالية كتلته عن اي محور داخلي او خارجي، بحاجة لإيضاح، وذلك على غير مستوى؛ اولا ، هل اعلانه هذا هو لعبة توزيع أدوار بين حارة حريك وميرنا الشالوحي كي يتم احتواء الموقف الداخلي المعقد الذي يستلزم خوض مناورات غير عادية لإخراج باسيل من مرحلة حرق صورته إلى مرحلة تلميع صورته؟.
ثانيا ، هل يستطيع باسيل فعليا ، ان يكون مستقلا داخليا عن حزب الله الذي مده بحواصل انتخابية، وجعل معركة دعم لائحته لتتفوق على لائحة جعجع أبرز أهدافه الانتخابية ؟. ثالثا، هل كلام باسيل هذا ، هو محاولة منه لفتح باب تفاوض مبكر و جدي مع حزب الله حول انتخابات رئاسة الجمهورية؟؟.
في نقطة ثالثة قال باسيل امس ان هناك استحقاقين قادمين، هما الحكومة وانتخاب رئيس الجمهورية . ويلاحظ أن باسيل لم يذكر استحقاق انتخاب رئاسة مجلس النواب.. واغفال هذا الاستحقاق ، ربما يؤشر إلى أن باسيل بحاجة لبعض الوقت لبلورة موقفه منه، علما انه أشار في معرض خطابه إلى أن كلا من جنبلاط وبري طبخا ضده السم خلال المعركة الانتخابية.
.. وبمسألة الحكومة العتيدة، أكد باسيل انه وداعا لحكومة التكنوفراط، وهو نفس الموقف الذي أكده نصر الله.
وقال انه يريد تسوية حكومية، وهدفه من ذلك العودة ” كوزير سوبر” للحكومة، وطي صفحة عزله حكوميا، وهنا يتقاطع باسيل مع نصر الله الراغب بقوة بتسوية حكومية تعيد انتاج دور الحزب في معادلة السلطة.
ان اخطر قضية تواجه باسيل وحزب الله في المرحلة المقبلة، هو أن تستمر القوى المعارضة بفرض فيتو على المشاركة مع باسيل ومع حزب الله في حكومة واحدة . فالتيار العوني والحزب يريدان الخروج من ازمة ١٧ تشرين التي عزلتهما على مستوى القبول بحضورهما المباشر داخل الحكومات، وإعادة انتاج وجودهما المباشر في السلطة بوصفهما مايسترو سياسي فيها.
وما يبدو واضحا في هذه اللحظة ان قوى المعارضة المسيحية لن توافق على المشاركة في حكومة في ظل عهد عون، كما أن القوى التغييرية سيكون لديها شروطها للمشاركة في اية حكومة المتفقة مع المواصفات التي يريدها شارع ١٧ تشرين لشكل الحكومة ولاسم رئيسها.
ان ما يحصل مع باسيل ، هو أن المعنى السياسي الوحيد الذي أفرزته انتخابات ١٥ أيار هو دخول شارع ١٧ تشرين إلى البرلمان ، فيما حرب عد المقاعد بينه وبين القوات اللبنانية لن يكون لها هذا المعنى السياسي الهام الذي كان يعنيه ايام التسوية الرئاسية، وأيام تسوية نادي الرؤساء الأقوى في طوائفهم ..
اغلب الظن ان المعركة السياسية اليوم هي على كيف سيتوجه المستقلون والتغيريون في مجلس النواب وعلى ماذا سيتفقون، ، وليس كيف ستتفق أحزاب السلطة على ابرام تسوية محاصصة جديدة بينها.. بكلام اخر ، فإن الرسالة التي لا تزال غير مقرؤة عند باسيل واتباعه، هي أن المقاعد السياسية يتم احتسابها بمعناها السياسي وليس باعدادها المجردة التي لم تعد تستطع انتاج تسويات للمحاصصة.