كتب نذير رضا في “الشرق الأوسط”:
خسر النواب أعضاء كتلة «التغيير» الانتخابات للمشاركة في عضوية لجنتين رئيسيتين في البرلمان اللبناني، هما لجنة «الإدارة والعدل» ولجنة «المال والموازنة» التي خسروا تمثيلهم السابق فيها، بعد فشل التوافق مع القوى السياسية على تمثيل جميع الكتل غير الممثلة في اللجان، فيما اهتزّت الكتلة التي تجمعهم بانسحاب النائب ميشال الدويهي منها.
ويجدد البرلمان لجانه التشريعية في أول ثلاثاء بعد 15 تشرين الأول سنوياً، ويجري انتخابات لهيئة مكتب المجلس واللجان التشريعية، وعادة ما تعقد توافقات قبل الانتخابات لضمانة تمثيل الجميع فيها، وتذهب الهيئة العامة للبرلمان إلى انتخابات في حال لم يحصل توافق وانتخاب بالتزكية.
وأسفر ترشح نواب التغيير والمعارضة، أمس، عن خسارتهم في انتخابات الهيئة العامة، بعد إبلاغ نائب رئيس المجلس إلياس بوصعب ليل الاثنين بأنهم يرفضون التوافق ويذهبون إلى الانتخابات، كما قال رئيس المجلس نبيه بري خلال الجلسة أمس. وأثار نواب «التغيير» والمعارضة اعتراضهم على نتائج الانتخابات، وعرض توافقات.
وتتألف هيئة مكتب المجلس من رئيس البرلمان (شيعي) ونائبه (أرثوذكسي)، وأميني سر هما ماروني ودرزي، و3 مفوضين هم سنيّ وكاثوليكي وأرمني. ويُنتخب هؤلاء في الجلسة البرلمانية الثالثة بعد جلستي انتخاب الرئيس ونائبه.
وقال الرئيس نبيه بري، قبيل البدء في عملية الاقتراع لعضوية لجنة «الإدارة والعدل»، وبعد ترشح النائبة حليمة القعقور، ومطالبة النواب «التغييريين» عبر النائب ملحم خلف بالذهاب نحو التوافق: «كما هو معلوم أن دولة نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب كان منذ عدة أيام يعمل من أجل الوصول إلى توافق يقضي بتمثيل كافة الكتل غير الممثلة في اللجان، وخاصة من النواب (التغييريين)، ولكن مساء (أول من) أمس (الاثنين) أبلغت بفشل هذه المساعي، والدليل ما حدث من ترشيحات».
وأضاف بري: «حتى إن المسعى كان يقضي بأن يحل أحد النواب (التغييريين) مكان نائب آخر، حتى لو كان من كتلتي، وحتى ولو كان كافة النواب المستبدلين من كتلتي. أنا أتعهد بذلك».
وتابع: «الآن النائب ميشال معوض تكلم معي ومعكم في نفس المسعى. أنا ما زلت مستعداً لذلك. وعلى سبيل المثال، أن نستبدل بأحد أعضاء كتلتي في لجنة (الإدارة والعدل) زميلاً آخر من نواب (التغيير) كالنقيب ملحم خلف، هذا الكلام قلته وتعهدت به على أساس أن يحصل التفاهم كسلة متكاملة، لكنكم كسرتم الاتفاق وذهبتم إلى الانتخابات».
وقالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، إن نواب «التغيير»، «دخلوا بمغامرة صباحاً حين ترشحوا لمواقع أميني السر والمفوضين، وأسفرت النتائج عن خسارتهم لتلك الجولات الانتخابية، كما خسروا في انتخابات عضوية لجنة (المال والموازنة) ولجنة (الإدارة والعدل)».
وفاز النائب هادي أبو الحسن بمنصب أمين سر هيئة مكتب المجلس النيابي بـ85 صوتاً، فيما نال النائب مارك ضو 30 صوتاً، بعدما كان ترشح النواب أبو الحسن وآلان عون ومارك ضو لانتخاب أميني سر. وفي المرحلة الأولى من الاقتراع اقترع النواب للمرشحين أبو الحسن وضو، فيما فاز النائب عون بالمنصب بالتزكية. كما فاز النائبان ميشال موسى وكريم كبارة بالتزكية لمنصب مفوضين في هيئة مكتب المجلس، ثم بدأت عملية الاقتراع لانتخاب مفوض ثالث لهيئة مكتب المجلس، وانحصرت المنافسة بين النائبين هاغوب بقرادونيان وبولا يعقوبيان، ففاز بقرادونيان بـ85 صوتاً، فيما نالت يعقوبيان 23 صوتاً، وسجلت 7 أوراق بيضاء.
وباستثناء لجنتي «الإدارة والعدل» و«المال والموازنة»، بقيت تركيبة اللجان على ما هي عليه. وبعد أن جرت انتخابات في لجنتي «المال والموازنة» و«الإدارة والعدل»، فاز النائب عدنان طرابلسي مكان النائب إبراهيم منيمنة في عضوية لجنة «المال والموازنة». وفي انتخابات لجنة «الإدارة والعدل»، حازت النائب حليمة القعقور على 18 صوتاً فقط.
وأثارت هذه النتائج اعتراضات سياسية، أبرزها من رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل الذي اعترض على طريقة الاتفاقات المسبقة في تشكيل اللجان النيابية. ورأى خلال جلسة انتخاب هيئة مجلس النواب، أن «الاتفاق بين الكتل الكبيرة يقصي نواباً يستطيعون العمل في نطاق اختصاصهم».
ورأى الجميّل أن «هناك استنسابية باختيار أعضاء اللجان»، ورد رئيس مجلس النواب نبيه بري بأنه بإمكان جميع النواب المشاركة بالمناقشات. وسأل الجميّل: «كيف يمكن أن يكون هناك نقيب للمحامين خارج لجنة (الإدارة والعدل)؟»، في إشارة إلى النائب ملحم خلف الذي عرض بري أن يكون في لجنة «الإدارة والعدل» بدلاً من أحد من كتلته خلال الحديث عن تفاهمات.
ويتألف البرلمان اللبناني من 17 لجنة نيابية، يجري توزيع رؤسائها ومقرريها عرفاً بين الطوائف اللبنانية. وتنتخب اللجنة من قبل الهيئة العامة للبرلمان، ليقوم أعضاؤها بدورهم بانتخاب رئيس اللجنة ومقررها. وتُعرف اللجان الكبيرة باللجان الرئيسية، مثل لجنة «الإدارة والعدل» و«المال والموازنة» و«التربية» و«الشؤون الاجتماعية» و«الدفاع والداخلية» و«الطاقة» و«الأشغال العامة»…
ولا يعني ذلك أن نواب المعارضة والتغيير باتوا خارج اللجان؛ إذ لا يزال تمثيلهم قائماً في عدة لجان، من بينها لجنة «البيئة» عبر النائبة نجاة عون صليبا، ولجنة «الإعلام والاتصالات» عبر النائبة بولا يعقوبيان.
ويأتي ذلك في ظل اهتزاز كتلة «نواب التغيير» التي تضم 13 نائباً، حيث أعلن النائب ميشال الدويهي الانسحاب من التكتل، من غير ذكر الأسباب.
وقال الدويهي في تغريدة على «تويتر»: «أنا خارج تكتل (التغيير) بصيغته الحالية نهائياً. أنا مع تحويل التكتل للقاء تشاوري شهري (أو حسب الضرورة) مع هامش حرية كامل لجميع النواب في كل المواضيع. ما حصل منذ جلسة 31 أيار الماضي، وتجربة التكتل تحديداً، يجب أن تنتهي، احتراماً للبنانيين وللناس التي انتخبتنا، واحتراماً للسياسة». وأضاف: «بطبيعة الحال سنبقى أصدقاء وعلى تواصل وتعاون، ولكن بالنسبة لي هنالك مرحلة انتهت».
ويختلف النواب الذين فازوا في الانتخابات عن مجموعات مدنية وتغييرية، على قضايا عديدة، بينها ملفات متصلة بمقاربات اقتصادية، وطريقة إدارة الأزمات، وتباينات حول العلاقات مع كتل سياسية أخرى