الهديل

وقاحة السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو!!!

 

كتب عوني الكعكي:

تأملت مليّاً في ما قالته السفيرة الفرنسية في لبنان آن غريو، وتوقفت مشدوهاً أمام وقاحتها التي فاقت حدّ التصوّر وهي توجه الاتهامات والإهانات للمسؤولين اللبنانيين الذين جمعتهم «سعادتها» في قصر الصنوبر في بيروت لمناسبة العيد الوطني الفرنسي، وقبيل مغادرتها لبنان، بعدما مضى على تعيينها ما يقارب الثلاث سنوات.

المجتمعون في قصر الصنوبر كُثُر، بدءاً بممثل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، الاستاذ محمود بري، مروراً بممثل رئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس نجيب ميقاتي، وزير الداخلية القاضي بسام مولوي، وفي حضور نائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، ونائب رئيس الحكومة سعادة الشامي، الى عدد كبير من الوزراء والنواب وممثلي القوى الأمنية وعدد من سفراء الدول الأخرى…

ولن أُطيل الحديث عن لائحة الحضور، التي غاب عنها وزير الأشغال علي حميّة، الذي انسحب قبل الدخول الى القصر لأنه رفض المرور بماكينات الفحص الآلية، معتبراً أنّ هذا الأمر إهانة ديبلوماسيّة وخرق للسيادة.

وبالعودة الى كلمة سعادة السفيرة… فقد أثارت هذه الكلمة حالاً من الجدل والاحتجاجات… فماذا قالت السفيرة:

أولاً: إنّ الوساطة الفرنسية ترمي الى توفير الظروف الضرورية لإقامة حوار هادئ بين أفرقاء متخاصمين… وأضافت: «في لحظة يقظة جماعية يمكن أن تطلقوا العنان للتفكير»…

هذه أوّل صفعة… فالسياسيون والزعماء كلهم في نوم عميق واللبنانيون -كل اللبنانيين- في حال فقدان الوعي… فشكراً حضرة السفيرة…

ثانياً: ذكّرت السفيرة بما جادت به بلادها وما قدمته من أجل اللبنانيين لإظهار تعلّق فرنسا وحبّها للبنان وأعطت أدلة:

أ: تقول السفيرة: أين كنتم اليوم لو أنّ فرنسا لم تحتضن مع شركائها قواكم الأمنية؟..

بـ: أين كنتم لو أنّ قوّات اليونيفيل التي تضم 700 عسكري فرنسي لم تكن تؤمّن الاستقرار في جنوب لبنان؟

جـ: أين كنتم لو أنّ فرنسا لم تقم بدعم مدارسكم كي لا تغلق أبوابها؟

د: أين كنتم لو لم تساهم فرنسا في تمويل عمل المستوصفات والمستشفيات وبرامج الأمن الغذائي؟

هـ: أين كنتم لو لم تحافظ فرنسا على مساحات لحريّة التعبير والابتكار والنقاش؟

و: أين كنتم لو أنّ الشركات الفرنسية قلّصت أعمالها وتخلّت عن فرق العمل المحلية؟

وتابعت السفيرة مع ألف «أين كنتم» وكأن دولتها لم تستفد من انتدابها للبنان، وهي حتى اليوم ترسل شركاتها لاستخراج النفط والغاز.. «توتال» على سبيل المثال.

وتذكّرنا حضرة السفيرة بما حاول رئيسها إيمانويل ماكرون فعله منذ ثلاث سنوات ونيّف، وبخاصة بعد انفجار المرفأ، حين زار لبنان مرتين… حين كانت بيروت منكوبة، وحين ظنّ اللبنانيون أن المنقذ جاءهم، فطالبوا سيادته بإنقاذهم من الوضع الذي ينحدر بهم نحو الهاوية… حتى أنّ بعض اللبنانيين طالبوا سيادته بعودة الانتداب الفرنسي.. وكان ماكرون في زيارته الثانية قد دعا الى تشكيل حكومة بمهمة محدّدة بعد تكليف مصطفى أديب بتشكيل الحكومة، وطالب بإجراء تحقيق دقيق لانفجار المرفأ أو تفجيره!!

لقد وعد ماكرون يومذاك بمساعدات «تشيل الزير من البير»، وهنا أتساءل: أين هذه المساعدات؟

واليوم… ومع فشل كافة المحاولات الفرنسية وغيرها لإنقاذ لبنان وإخراجه من مأزقه السياسي، وبعدما باءت كل المحاولات والمبادرات التي قامت بها فرنسا بالفشل الذريع، ولم تتمكن من إنجاح بادرة ولو كانت بدائية أو بسيطة… نقف متسائلين، وبأسف شديد: أين فرنسا شارل ديغول؟ أين فرنسا جاك شيراك؟ بل أين فرنسا الدولة العالمية القوية، وكيف تحوّلت اليوم في عهد إيمانويل ماكرون الى «لعبة» يتقاذفها الآخرون… وهي لا تجد حيلة ولا وسيلة لإثبات وجودها؟

وبدل أن تتحفنا السفيرة الفرنسية بما قدمته للبنان، هي ورئيسها ودولتها… أذكرها بما كانت عليه فرنسا شارل ديغول: لقد قال ديغول جملته المشهورة «إنّ مجرّد لفظ اسم لبنان يحرّك في قلب كل فرنسي مشاعر مميّزة وفريدة».

ودعوني أذكّر حضرة السفيرة بمساعدات أخرى للبنان، لم تذكرها خلال تعداد مآثر الجمهورية الفرنسية في لبنان:

أولاً: لقد أطلقت بالفعل مبادرات عدّة وفي مراحل مختلفة كانت وبالاً على لبنان.. وأذكر هنا أنّ إحدى هذه المبادرات أتت بالرئيس السابق ميشال عون الى سدّة الرئاسة فتحوّل عهده الى عهد جهنم… فشكراً فرنسا…

ثانياً: مبادرة فرنسا لفرض رئيس على لبنان، وإن كنا نجد في هذا الرئيس بُشْرى خير… لكن محاولة فرضه عقّدت الموقف وصعّدت لهجات التحدّي.

ثالثاً: لقد راهنت فرنسا على الانتخابات النيابية الأخيرة لتنفّذ مآربها في لبنان، وجمع عدد كبير من النواب يعطيها قوّة فرض ما تريد… فكان التوازن القائم في مجلس النواب أكبر فشل لخطتها.

وهل يمكن أن ننسى ما قاله ماكرون بعد زيارتيه للبنان بُعَيْد تفجير المرفأ: «لقد أخذت علماً بالخيانة الجماعية للطبقة السياسية في لبنان»… يا عيب الشوم فالطبقة السياسية اللبنانية كلها خائنة بنظر ماكرون.

وقبل أن أختم ما بدأت به اليوم أقول:

«لو أنّ سفيرة كدوروثي شيا، سفيرة الولايات المتحدة الأميركية طرحت آراء… لكنا قلنا إنها ممثلة دولة كبرى، ولكن أن يصدر هذا الهجوم من سفيرة لفرنسا… فتلك لَعَمري مهزلة المهازل.

 

*المقالات والآراء التي تنشر تعبّر عن رأي كاتبها*

Exit mobile version