الهديل

خاص الهديل: هل فعلاً سيستمر غالانت بالحرب على لبنان حتى لو أوقف حزب الله النار بعد وقف حرب غزة؟؟.

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة

في كل مرة يزور فيها وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت الجبهة الشمالية الإسرائيلية مع لبنان يردد تقريباً نفس المعنى القائل ان وقف القتال في غزة لا يعني وقفاً للقتال في لبنان وأن إسرائيل ستستمر بالحرب ضد حزب الله حتى تحقيق أهداف إسرائيل على جبهتها الشمالية؛ وهي إبعاد حزب الله وقواته وترسانته عن الحدود لمسافة معينة وتنفيذ ال١٧٠١، الخ.. 

في خطابه أمس كرر أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله ان الحزب سيوقف النار من جانب واحد وبشكل تلقائي ومن دون تفاوض؛ بمجرد توقف النار بين إسرائيل وحماس في غزة.

يبدو ظاهراً أن هناك تناقضاً بين شرط حزب الله لوقف النار مع إسرائيل وبين شرط الأخيرة كما يطرحه غالانت حصراً، لوقف النار مع الحزب. والسؤال من سيكون له الكلمة الفصل بخصوص متى وكيف ستقف الحرب على الجبهة الشمالية؛ السيد نصر الله أم غالانت أم آراء أخرى موجودة إلى جانب نتنياهو وبمقابله؟؟!.

لا يمكن التعاطي مع كلام غالانت عن متى وبأي شروط تقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله بوصفه كلاماً إسرائيلياً نهائياً؛ أو أنه قرار إسرائيلي لا عودة عنه؛ وذلك لعدة أسباب، أولها لأن من يقرر في إسرائيل متى تنتهي الحرب مع غزة ومع لبنان هو فقط نتنياهو، علماً أن الأخير لم يقل – أقله – ولو مرة واحدة، أنه لن يكون معنياً بإيقاف القتال على الجبهة الشمالية فيما لو توقف حزب الله عن القتال بعد إعلان وقف الحرب في غزة. ثانياً لأن غالانت هو حالياً في لحظة اشتباك سياسي كبير مع نتنياهو السائر في طريق إزاحته مع رئيس الأركان هرتسي هاليفي عن موقعهما واستبدالهما بشخصيتين تدينان له بالولاء الكلي..

أضف لذلك أن هناك تبايناً يمكن للمراقب لحظه بين موقفي نتنياهو وغالانت تجاه الحرب على الجبهة الشمالية، وبخصوص متى يجب شن حرب على حزب الله، وكيف، الخ.. 

نتنياهو قبل يوم ٧ أكتوبر كان يميل في صراع إسرائيل مع حزب الله إلى تطبيق نظرية “خوض حرب بين حربين ضده”؛ ودائماً يعطي نتنياهو الأولوية لضرب إيران ومعها ضرب حزب الله؛ ولا يميل لنظرية القيام بضرب إيران من خلال ضرب درة تاجه في الإقليم، أي حزب الله..

.. وبعد حرب ٧ أكتوبر ظهر أن نتنياهو ميالاً للتركيز على جبهة غزة؛ في حين أن غالانت وهاليفي وضباط كبار على الجبهة الشمالية كانوا ميالين خلال الأيام الأولى من حرب طوفان الأقصى إلى توجيه ضربة استباقية لحزب الله؛ ولكن إدارة بايدن منعت حصول هذا السيناريو. 

وخلال الشهرين الأخيرين تم في الكابينت طرح موضوع توجيه ضربة عسكرية واسعة لحزب الله، ولكن نتنياهو أبعد هذا الموضوع عن طاولة الكابينت قائلاً: يجب التركيز على غزة. 

من جهته غالانت لديه وجهة نظر بخصوص ما يجب فعله تجاه ملف الحرب مع لبنان، وحول كيفية التصرف عسكرياً مع حزب الله.. وينسب إلى غالانت انه صاحب النظرية التي تقول التالي: الحرب القائمة حالياً في الشمال مع حزب الله تشبه سباقاً بين سيارتين يجري على طريق ضيق جداً، وكل واحدة من هاتين السيارتين تحاول إرغام الأخرى على التنحي من طريقها، وذلك عبر تخويف السائق الآخر لجعله يقبل بالتنحي والارتطام بالجدار لمصلحة أن تمر السيارة الأخرى براحة تامة.

بحسب غالانت فإن الصراع يدور حول معادلة “من يخاف أولاً”؟؟.

ولذلك يرى غالانت ببساطة أنه يجب على السائق الإسرائيلي أن يخيف سائق سيارة حزب الله، ويرغمه على التنحي، وعلى الانحراف بسيارته للارتطام بالجدار، وذلك لمصلحة أن يصبح الدرب الضيق على الجبهة الشمالية سالكاً أمام إرادة تل أبيب!!.

.. طبعاً لا يوجد مؤشرات توحي بأن غالانت يملك حالياً وسائل سياسية أو عسكرية تمكنه من تطبيق نظريته التي تريد بالعمق توسل ممارسة ضغوط عسكرية وسياسية بحدودها العليا ضد حزب الله، لإرغامه على القبول بشروط تل أبيب على الجبهة الشمالية؛ فالجيش الإسرائيلي رغم تصريحاته بأنه مستعد للدخول بحرب مع لبنان؛ إلا أن المحللين العسكريين الإسرائيليين لا يخفون وجود معادلة حاكمة تقول انه حتى يستطيع الجيش البدء بحرب مع حزب الله، يجب أن يتم توفير ثلاثة معطيات له، لا تزال جميعها غير موجودة الآن: 

المعطى الأول ان عليه نقل الثقل العسكري للجيش من الجنوب في غزة إلى الشمال على الحدود مع لبنان. ورغم معلومات تقول أن الجيش الإسرائيلي عزز قواته مؤخراً بخمسين ألف جندياً، إلا أن التحليلات العسكرية الإسرائيلية تستمر بنقل أجواء مفادها أن تعقيدات الميدان في غزة لا يزال يستقطب الثقل العسكري الإسرائيلي. 

المعطى الثاني يفيد بأن الجيش الإسرائيلي يجب أن يمر بفترة انعاش غير قصيرة نسبياً، وخاصة لقوات الاحتياط، وذلك قبل أن توجه القيادة السياسية أوامر له بخوض حرب ضد الحزب.

المعطى الثالث هو معطى جيوسياسي، وقوامه ان البنتاغون لا يؤيد حرباً إقليمية في المنطقة، ولا يريد أن يتورط بحرب من هذا النوع؛ ويرى البنتاغون أن فتح حرب مع حزب الله في لبنان هو أسرع وصفة للانزلاق بحرب إقليمية واسعة.

بمقابل وجهة النظر هذه، توجد وجهة نظر أخرى تقول ان مسألة الحرب مع حزب الله داخل إسرائيل، أصبحت مسألة حتمية؛ ولكن السؤال الصعب الذي يواجه هذه المسألة هو متى يجب أن تشن هذه الحرب؛ وبأية كلفة؛ وما هي أهدافها المحددة؟؟. 

هناك عدة أجوبة داخل إسرائيل عن هذه الأسئلة؛ فمثلاً غالانت يرى أن الإستمرار بحرب الضغط العسكري بمنسوبها الحالي قد تؤدي لتراكم عسكري يجبر الحزب على قبول شروط إسرائيل من دون الحاجة لحرب كبيرة معه. فيما جدعون ساعر الذي ترشحه المصادر الصحفية ليختاره نتنياهو ليكون وزير دفاع مكان غالانت، يقول أنه لا مناص من حرب كبرى مع الحزب تؤدي إلى تدفيع لبنان ثمناً جغرافياً (يتحدث عن العودة لاحتلال شريط أمني داخل جنوب لبنان).. أما نتنياهو فيرى أن أوان الحرب مع لبنان ليس اليوم، بل سيأتي في لحظة معينة لاحقة قبل العام ٢٠٢٦ وهو العام الذي ستصبح إيران فيه قادرة على إنتاج قنبلة نووية!!.

Exit mobile version