د. حمد الكواري:
“أحلم أن تكون المأساة مدخلا لعودة الحياة إلى لبنان وشعبه المبدع”
سوف نبقى يشاء أم لا يشاء الغير فاصمد، لبنان، ما بك وهن
سوف نبقى لا بد في الأرض من حق
وما من حقً، ولم نبق نحن
سعيد عقل
من منّا لا يقدّر المنزلة الاعتبارية ل #لبنان في وجداننا العربي ولدى الرأي العام العالمي
ومن يُنكر أنّ للبنان وطنا وشعبا وتجربة مكانة كبيرة في العالم
فهو بلد في غاية الجمال وذو دور حضاري وإشعاع ثقافي كبير ومنه ترسخت قيم الانفتاح والتسامح
وهو من مؤسسي الأمم المتحدة، وعضو في معظم المنظمات الدولية والإقليمية
وذو تجربة تعددية، وتعايش ديني وطائفي فريد
وهو منبع للمعرفه بكتابه ودور نشره الراقية التي أثرت المعرفة عبر الأجيال العربية
وله جاليات كبرى منتشرة في العالم ولها مكانتها ودورها وتأثيرها على مجتمعات في القارات الخمس
بلد رائع كهذا يتعرض لعدوان غاشم مدمر لبنيته البشرية والتحتية،
والأدهى أن يقابل هذا صمت مطبق والدبلوماسية اللبنانية في غيبوبة
ورأي عام عربي ودولي غير مبال كأنما الدمار يضرب أركان بلد آخر، لا أجد مبرّرا لكل هذا الصمت والخرس الذي حلّ بالعالم تجاه لبنان، إلا لأن هذا العدوان الغاشم، يأتي في دولة، تفتقد الرئاسة وتفتقد حكومة مكتملة الشرعية والأركان وتعيش فيها دولة داخل الدولة، وبرلمان انتهت صلاحيته، ويتم التجديد له من قبل المستفيدين منه، وطوائف كان التعايش بينها مفخرة من مفاخر لبنان، إلى دويلات متناحرة، ووضع مالي متآكل قاد إلى تبخر مدخرات المهاجرين والمواطنين،
كل هذا يأتي وقد تجذر الفساد بين السياسيين الذي أصبح كل همهم استمرارهم وتعظيم مكاسبهم، مما ساهم في فتح شهية المعتدي .
إن ردة الفعل المزرية والمخيبة للآمال على العدوان الاسرائيلي الغاشم، هي نتيجة لهذه الأوضاع المزرية الداخلية لهذا البلد الرائع،
إني من الذين عاشوا لبنان وأحبّوه وتعلموا منه ومن ثراء تعدديته وحيوية أهله وقدراتهم على الإبداع والتميز، ويحزنني أن أرى الجرح اللبناني يتّسع وينزف دون جدوى،
إني أتابع ما يجري في لبنان بألم
وفي نفس الوقت أحلم أن تكون المأساة مدخلا لعودة الحياة إلى لبنان وشعبه المبدع بعودة مؤسساته ونهاية الفساد المستشري ليعود لبنان الذي كان، فقد حان الوقت لتضميد الجراح ولإيقاف هذه المأساة التي قد تتحوّل إلى كارثة لكامل المنطقة.
دكتور حمد الكواري
وزير دولة بدرجة نائب رئيس وزراء
رئيس مكتبة قطر الوطنية