الهديل

خاص الهديل: ماذا يريد نتنياهو في لبنان؟؟.. وكيف يرى اللحظة المناسبة لوقف الحرب؟؟

خاص الهديل….

بقلم: ناصر شرارة 

السؤال الماثل الآن بخصوص الحرب الإسرائيلية على لبنان هو ذاته السؤال المطروح بخصوص الحرب الإسرائيلية على غزة؛ ومفاده ما هي طبيعة اللحظة التي ينتظرها نتنياهو حتى يقرر وقف الحرب؟؟.

طوال الفترة الماضية من حربه على غزة كان هناك وجهة نظر لدى المراقبين تحولت إلى قناعة تقول إن نتنياهو مستمر في الحرب حتى الانتخابات الأميركية، كونه يريد وقف الحرب في لحظة وصول ترامب للبيت الأبيض!!؛ لكن ترامب أصبح رئيساَ فيما نتنياهو مستمر بالحرب وحتى أنه يحاول التحايل على وقف الحرب في لبنان رغم أن مهمة هوكشتاين كما يقال يوجد توافق عليها بين الرئيس بايدن والرئيس المنتخب ترامب.

وبات يقال الآن إن نتنياهو ينتظر لحظة تسلم ترامب في ٢٠ يناير القادم منصبه حتى يبادر لتقديم وقف الحرب في لبنان كهدية له..

لكن نتنياهو لا يزال متمسكاً بتوقيته المائع لوقف الحرب وهو عند تحقيق النصر المطلق في غزة وتحقيق أهداف الحرب في لبنان.

المستوى العسكري الإسرائيلي يقول إن عبارة “النصر المطلق” لا يعتبر مصطلحاً عسكرياً؛ أي أنه ليس مفهوماً مهنياً يمكن اعتماده لجعل المسار العسكري لديه هدفاً سياسياً؛ فالنصر المطلق يصلح ليكون شعاراً انتخابياً أو تعبيراً احتفالياً؛ ولكنه بكل حال ليس أبداً استراتيجية عسكرية – سياسية.

 

وبخصوص لبنان يوصي المستوى العسكري الإسرائيلي بوقف الحرب الآن؛ لأنه لم يعد هناك أهداف يعالجها في لبنان..

 

الواقع أن هناك ظلالاً كثيرة تحيط بهذا النقاش بين نتنياهو والمستوى العسكري: مثلاً ما هي أهداف الحرب التي يضعها نتنياهو لوقف الحرب في لبنان؟؟ حسب ما هو معلن فإن الهدف الذي أضيف على أهداف حرب غزة قبل نحو شهرين هو “إعادة مستوطني الشمال إلى ديارهم”؛ وكان الثمن الذي طلبه حزب الله لإعادة هؤلاء المستوطنين هو وقف الحرب الإسرائيلية على غزة؛ ورفض نتنياهو آنذاك دفع هذا الثمن؛ وأعلن حرباً على لبنان حتى يرغم الحزب على فصل حربه على الجبهة الشمالية عن حرب حماس في غزة على الجبهة الجنوبية.

 

الآن من وجهة نظر أولية – وربما من وجهة نظر المستوى العسكري الإسرائيلي – تحقق هدف الحرب الرسمي الإسرائيلي المعلن وهو قبول حزب الله بفصل جبهته عن جبهة حرب غزة؛ فالشيخ نعيم قاسم ذهب في هذا الاتجاه الذي يفاوض عليه بري؛ ولكن مع ذلك لم يلتقط نتنياهو لحظة تراجع حزب الله عن ربط الجبهتين ليعلن أنه انتصر ويتخذ قراراً بوقف الحرب الذي مع اتخاذه سيحقق الهدف المعلن والمركزي لإسرائيل وهو إعادة المستوطنين لمنطقة الشمال الحدودية مع لبنان..

 

والوقائع الوارد ذكرها أعلاه تؤكد أن نتنياهو لديه هدف آخر وتوقيتات أخرى لإعلان وقف الحرب في لبنان وفي غزة؛ فلو أنه يبحث عن “صورة نصر” ليتذرع بها، ويبادر لوقف الحرب – كما يعتقد كثيرون – لكان فعل ذلك عندما اغتال يحيى السنوار في غزة وعندما اغتال السيد حسن نصر الله في لبنان، أو عندما وافق حزب الله على فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة، أو حتى عندما نجح ترامب في الرئاسة الأميركية؛ ولكن بات واضحاً الآن – وحتى قبل الآن أن نتنياهو لا يبحث عن “صورة نصر” بل عن “صورة حسم” مع غزة وليس فقط مع حماس؛ وعن “صورة حسم” مع لبنان وليس فقط مع حزب الله..

 

والواقع أن “مفهوم الحسم” هو المصطلح المستتر وراء عبارته الإنشائية – وغير المهنية عسكرياً وسياسياً – التي تقول بالنسبة لغزة “بالنصر المطلق”، أو تلك التي تقول بخصوص لبنان “أهداف الحرب”، الخ.. 

 

عام ٢٠١٧ كتب سموتيرتش مقالته التي أصبحت رائجة اليوم بعنوان الحسم؛ وتضمن رؤيته – وهي رؤية اليمين – لكيفية ضم الضفة الغربية إلى إسرائيل؛ وجملة أمور تتعلق بكيفية حسم الصراع مع الفلسطينيين على نحو يحقق ما يسميه اليمين بالاستقلال الثاني. 

إن أهمية مقالة الحسم التي لم تكن مهمة آنذاك وأصبح لها وزناً اليوم هو أنها توضح التالي: ان ما دعا لتوافق اليمين التقليدي (الليكود وريث حزب حيروت) وأقصى اليمين المنقاد من بن غفير – سموتيرتش وآخرين، إلى التحالف وتشكيل حكومة اليمين الحالية هو اتفاقهما على تحقيق هدف حسم الصراع مع الفلسطينيين في غزة وداخل مناطق احتلال ال٤٨ وضم الضفة الغربية؛وبالنهاية تجسيد يهودية الدولة..

 

.. وبالنسبة للبنان؛ فإن نتنياهو يتحرك تحت سقف مبدأ الحسم الذي تلتزم به قوى تحالف حكومته؛ والتي دون الالتزام به تنهار هذه الحكومة.. وعليه، يصبح واضحاً أن ما تريده حكومة نتنياهو هو “الحسم مع حزب الله”؛ اي ما هو أبعد من قرار ١٧٠١؛ وما تريده مع لبنان ما هو أبعد من الاكتفاء بالترتيبات الأمنية في منطقة عمليات اليونيفيل جنوب الليطاني

وكل ما تقدم يؤشر إلى أن مهمة هوكشتاين هي بداية خلق مسار سياسي يواكب استمرار حرب الحسم الإسرائيلية على كل من لبنان وحزب الله في آن معاً.

Exit mobile version