سلسلة لقاءات لعون في قصر بعبدا
أكد رئيس الجمهورية السابق أمين الجميل الثقة بأن رئيس الجمهورية العماد جوزف عون “سيكون على قدر المسؤولية، وله الدور الأساسي في إنقاذ البلد وانتشاله من هذا المستنقع الغارق فيه، ونعتبر انتخابه خلاصاً لبلدنا”.
ودعا إلى تضامن الشعب كله مع رئيس الجمهورية في مهمة الإنقاذ بعد المخاض الذي مرّ به لبنان. وقال أن تكليف الرئيس نواف سلام في هذا الظرف يذكّر بالشعار الذي أطلقه الرئيس صائب سلام: “لبنان واحد لا لبنانان”، آملاً أن يتم تطبيق هذا الشعار في الوقت الراهن. ورأى أنه إذا كان هناك من أحد من المفروض أن يقوم بتضحيات ويسرِّع تشكيل الحكومة، فهو الثنائي الشيعي، إذ أن مصلحته هي في الدولة التي هي الخلاص له.
وكان الرئيس عون استقبل الرئيس الجميل في قصر بعبدا، عند الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر اليوم، وعرض معه التطورات على الساحة اللبنانية، والسبل الكفيلة بالعمل على إطلاق ورشة إعادة النهوض بلبنان من خلال تعاضد الجميع.
وبعد اللقاء، أدلى الرئيس الجميل بالتصريح التالي: “من الواجب، بعد الانتخاب، أن نأتي لتهنئة فخامة الرئيس على انتخابه. ونحن كنا ننتظر انتخاب رئيس للجمهورية منذ زمن إضافة إلى انتظارنا لشخصه. وأبعد من التهنئة، أتينا لنؤكد لفخامته المحبة الخالصة والتقدير والثقة بأنه سيكون على قدر المسؤولية، وله الدور الأساسي في إنقاذ البلد وانتشاله من هذا المستنقع الغارق فيه، ونعتبر انتخابه خلاصا لبلدنا. وهذه مناسبة ليتضامن الشعب اللبناني كله مع فخامته في مهمة الإنقاذ بعد المخاض الذي مر به لبنان. وما يهمنا، هو الإطار الذي يمثله خطاب القسم الذي لاقى تجاوبا من كل الفئات، ونأمل أن يكون محور البيان الوزاري، لأنه حدَّد خطة طريق ومبادئ عامة ينتظرها الشعب اللبناني وهو متضامن معها لأنها تؤمّن الخلاص.”
أضاف: “لقد تمَّ تكليف الرئيس نواف سلام بتشكيل الحكومة، وهذا التكليف يذكِّرنا بصائب بك سلام الذي كان رئيسا للحكومة في ظروف صعبة ومماثلة لتلك التي نعيشها اليوم، فأطلق شعار: لبنان واحد لا لبنانان. ونحن نتمنى أن يكون هذا هو أيضا شعار نواف بك. وهذا مطلب الشعب اللبناني ليتأكد مسار الدولة في تحقيق مبدأ أن لبنان واحد هو لا لبنانان، لا سيما في هذه المرحلة بالذات. فنحن لا نريد لبناننا ولا لبنانكم ولا لبنانهم، بل لبنان واحد يكون للجميع. هذا هو الهدف الذي علينا أن نعمل له جميعا. أقول هذا وكلي ثقة، لأنني أعرف أنَّ هذا هو المطلوب اليوم، ولسوء الحظ قد يكون للبعض مشاريع أخرى. نحن يهمنا الآن لبنان واحد لا لبنانان، ولنعترف كلنا أنَّ لبنان للجميع وليس لفئة ضد أخرى. لبنان واحد بالشراكة والتساوي، انطلاقا من مبدأ السيادة والديمقراطية والحرية. هذا المطلوب اليوم. ونعرف، بالنظر إلى الظروف التي مررنا بها، أن هذا الكلام ليس عابرا بل هو كلام أساسي، فلنعد إلى شعار “لبنان واحد لا لبنانان”، ولنتنازل عن لبناننا ولبنانكم ولبنانهم، وغيرها من الشعارات.”
وقال: “أن الظروف التي نمرّ بها تذكّرني قليلا بأيام عهدي حيث كان هناك تحد وصعوبات بين المواقف الأساسية ومعتقداتنا الأساسية التي كنّا متمسكين بها لخلاص البلد من جهة، والأفكار الأخرى المعاكسة من جهة أخرى. وخلال ولايتي كان من المفروض على الرئيس المحافظة على البلد، وأحيانا أن يعترف أن هنالك أمورا واقعية على الأرض، عليه أن يأخذها بالاعتبار بمعزل عن قناعاته الأساسية. المهم أن تبقى هناك بوصلة هي مصلحة البلد. نحن اليوم في ظروف مماثلة تقريبا حيث هناك تأكيد على مصلحة البلد وثوابت معينة وعلى مفهوم السيادة والديمقراطية. وهذا ما علينا التمسك به فنحاول بكافة الطرق، أيا كانت الصعوبات، أن نبقي على هذه البوصلة لنتمكن من إنقاذ البلد. وعلينا الأخذ بالاعتبار أنه لا يجب أن تتناقض الواقعية مع المبادئ الأساسية التي نؤمن بها.”
وتابع: “علينا أخيرا أن نعرف أهمية الدعم الدولي للبنان الذي قلّ نظيره على الساحة اللبنانية. هذا الدعم شرقا وغربا، يجب أن يكون حافزا لنا فلا نفرط به ونستفيد منه، فلبنان بحاجة إليه بعد هذه الجلجلة التي مرّ بها، وكل ما رافقها من خراب ودمار. نحن بحاجة للدعم الدولي أكان سياسيا أو إنمائيا لكي ننقذ لبنان، وعلينا ألا نفرط به بل على العكس، التجاوب معه لنتمكن من تحقيق هدفنا بالإنقاذ. وبعض ما يطالب به هذا الدعم هو مطلبنا، مثل الإصلاحات التي علينا الإسراع بها لإنماء البلد ومواجهة المخاطر التي نعيشها. ونحن اليوم نعوِّل على هذا الدعم الدولي لا سيَّما في الجنوب الذي يعاني من أصعب الظروف وهو تقريبًا مدمر، ونعرف مدى عذاب شعبه، وهذا يدمي قلبنا. نحن بحاجة لإنقاذ الجنوب بأسرع وقت من خلال التأكيد على وقف إطلاق النار، ومن ثم العمل على إنمائه ليستعيد إخوتنا في الجنوب الحد الأدنى من الكرامة عبر الإقامة الكريمة في قراهم وبيوتهم. كما أننا بأمَّس الحاجة إلى المجتمع الدولي لكي يساعدنا في تحقيق هذا الهدف فنخفف من أوجاع إخوتنا ما يقتضي منا تفاهما وطنيا من كافة النواحي. نحن نعرف أن هناك إشكالات في بعض التفسيرات، ولكن علينا تجاوزها مؤكدين، فوق أي اعتبار، على سيادة البلد ومصلحة لبنان، فنكون حقَّقنا مصالحنا في الجنوب وطبَّقنا القرارات الدولية وقرار وقف إطلاق النار بشكل واضح وصريح، وتكون تبعاته على كافة الأراضي اللبنانية لأن هذا هو خلاص لبنان. ويمكن أن يمرّ الخلاص والإنقاذ وعودة الأمور في لبنان إلى طبيعتها عبر بوابة الجنوب، ولكي تمرّ عبر هذه البوابة، علينا أن نتفهم ما هي الضرورات الواجب القيام بها لتسريع معالجة موضوع الجنوب.”
وختم بالقول: “هذه هي سريعا الأمور التي كانت موضوع زيارتنا لفخامة الرئيس للتهنئة والتمني بالنجاح. ولقد حاولنا أن نستعرض بسرعة هذه النقاط. ولن نتكلم بالموضوع الحكومي فالرئيس نواف سلام يقوم بواجباته وهو يسعى بكل ضمير حي ومسؤولية وطنية إلى الوصول الحل يرضي الجميع، فيكون شعار الحكومة ما أطلقه صائب بك: “لبنان واحد لا لبنانان”، ونلتقي جميعنا حول مبادئ السيادة والديمقراطية في لبنان.”
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت لديه مخاوف لعرقلة تشكيل الحكومة عبر وضع بعض الشروط، أجاب: “لن أدخل الآن بالتفاصيل لأن رئيس الحكومة المكلف يبذل كل الجهود لإنقاذ لبنان، لكن لا يمنع أن نعرف أن هناك رواسب وسوابق ومعطيات تجعلنا نتساءل. وما أفكر به أنه من مصلحة حزب الله وحركة أمل، بأسرع وقت، أن يقف لبنان على رجليه ويحقق الحد الأدنى من الخدمات والضمانات، قبل مصلحة أي كان. لا يقدر اليوم حزب الله وحركة أمل الاستمرار كما في الماضي، نظرًا للظروف التي كانت في البلد من كافة النواحي. لن أدخل في تفاصيل وضع حزب الله اليوم وما يعانيه الثنائي الشيعي من مشاكل وعزلة، إن صحَّ التعبير. من مصلحة الحزب اليوم، ولا خيار له سوى العودة إلى الدولة. الدولة تحميه وتنقذه وتطعمه وهي المرجع الأساسي اليوم الذي لا بديل عنه. وإذا كان هناك من أحد من المفروض أن يقوم بتضحيات ويسرِّع تشكيل الحكومة فهو الثنائي الشيعي، إذ أن مصلحته هي في الدولة التي هي الخلاص له.”
وردًا على سؤال حول الاتجاه إلى ترك حقيبة وزارة المالية بيد الثنائي الشيعي في حين نتكلم على مرحلة جديدة وعهد جديد وتشكيلة وزارية مختلفة عن الحكومات المتعاقبة السابقة، أجاب: “دعونا لا ندخل الآن في التفاصيل. نحن لدينا ملء الثقة بأن الرئيس نواف سلام سيجد مع فخامة الرئيس المخرج اللازم للموضوع. كما أن الواقع على الأرض يفرض أحيانًا بعض التضحيات. ما يهمنا هو إنقاذ البلد ليقف مجددًا على رجليه، أيا كانت التضحيات التي يمكن للإنسان أن يقوم بها. وكما ذكرت، اليوم، من مصلحة حزب الله وحركة أمل أن يعودا إلى كنف الدولة، ومن مصلحة الدولة أن ترعى الجميع سواسية وبالتساوي. أما التفاصيل الصغيرة، فيمكن أن تُبحث بهدوء أعصاب.”
والتقى الرئيس عون النائبة بهية الحريري، التي هنأته بانتخابه رئيسًا للجمهورية، ونقلت إليه تهاني الرئيس سعد الحريري وتمنياته له بالتوفيق والنجاح في مهامه، في ظل هذا الظرف الدقيق الذي يمرّ به لبنان.
وأشارت إلى أن الرئيس الحريري أشاد بخطاب القسم، ورأى فيه خارطة طريق حقيقية للنهوض بلبنان وإخراجه من المشاكل التي تعصف به منذ سنوات، وأنه لا بد من تكاتف اللبنانيين لمساندة الرئيس عون على تحقيق البنود الواردة فيه.
وجرى خلال اللقاء، عرض الأوضاع العامة في البلاد وحاجات منطقة صيدا.
من جهة أخرى، أجرى الرئيس عون اتصالًا هاتفيًا بالبروفسور عصمت غانم العائد إلى لبنان بعد تعيينه أول رئيس غير فرنسي للجمعية الفرنسية لجراحة العظام عند الأطفال. ورأى رئيس الجمهورية أن ما حققه البروفسور غانم، هو إنجاز لجميع اللبنانيين، ودليل على أن الرهان على نجاح اللبنانيين رغم كل الصعوبات والتحديات، هو رهان صائب ويجب أن يحفزنا جميعًا على التعاضد للنهوض بالبلد. وتمنى الرئيس عون للبروفسور غانم النجاح في مسؤولياته الجديدة، وأن يستمر بثبات على النهج الذي اختاره