خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
خلال فترة تشكيل الحكومة برزت ثلاث انطباعات حول نواف سلام، رغم أن هذه الانطباعات لا يمكن اعتبارها ملاحظات لأن الرجل لا يزال في أول مشواره، وليس عدلاً أن يتم النظر إلى أدائه كما برز خلال أسابيع قليلة على أنه يفسر كل ملامح شخصيته كسياسي وكرئيس حكومة، الخ..
الانطباع الأول الذي أخذ عنه هو أن نواف سلام لا يطرح نفسه فقط على أنه “عابر سبيل” في الحياة السياسية اللبنانية، بل يطرح نفسه بوصفه “بداية طريق” طويل داخل مجمل المعادلة السياسية اللبنانية، ولذلك لمح في بيانه أمس بعد نجاحه بتشكيل الحكومة، بأن فترة حكومته التي ستنتهي في أيار ٢٠٢٦ هي فترة قصيرة، فيما جدول أعماله الإصلاحي والإنقاذي طويل وكبير؛ وظهر من خلال ملاحظته هذه وكأنه يقترح بشكل غير مباشر ترشيح نفسه لرئاسة حكومة ثانية خلال مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية في أيار ٢٠٢٦ حتى يتسنى له استكمال تنفيذ مشروعه الإنقاذي.
بهذا المعنى يمكن الاستنتاج أن نواف سلام يطرح نفسه كزعيم مشروع إصلاحي مكتوب، ويطالب بإعطائه الوقت الوطني والسني السياسي الطويل والكافي لتنفيذه، وذلك على حساب زعماء بيوت سياسية مفتوحة يعتبرون أن كل الوقت السياسي السني لهم. طالما كان هناك مفاضلة مشهورة في السياسة بين نوعين إثنين من موجبات الحكم: نوع يرشح “أهل الثقة” للحكم؛ ونوع ثان يرشح “أهل الخبرة”؛ وهناك تنافس تاريخي بين هذين النوعين؛ ودائماً ينقسم بشأنهما الرأي بحيث بعض المنظرين السياسيين يعتبرون أن هناك مراحل سياسية تحتاج لأن يكون على رأس الحكم “أهل الثقة” فيما هناك مراحل أخرى لا تحتاج “لأهل الثقة” بل “لأهل الخبرة”. وثمة من يرى الآن أن البلد يحتاج لأن يدار من “أهل الخبرة” (الاختصاصيين) وليس لأن يحكم من “أهل الثقة” (السياسيين)؛ ونواف سلام يمثل هذا الاتجاه لموجبات متطلبات الحكم في هذه المرحلة..
الانطباع الثاني أن نواف سلام لا يطرح نفسه كعابر سبيل داخل المعادلة السنية بل بوصفه “بداية طريق” طويل داخلها؛ بدليل ما يقال بل ما يؤكده البعض عن أنه رداً على عتاب وجهته له شخصيات سياسية سنية لأنه لم يقف على خاطرها خلال ترشيحه لتوزير أشخاص من بيئاتهم، رد عليهم – أي نواف سلام قائلاً: أنا المرجعية السنية؛ فلماذا أستشير أياً من سياسي السنة؟!
الانطباع الثالث يتصل بأن نواف سلام لا يعتبر نفسه عابر سبيل داخل مجمل معادلة المرحلة الجديدة التي يمثلها عهد الرئيس جوزاف عون، بل يعتبر نفسه الشخصية المطلوبة دولياً ومحلياً للإسهام في هذه المرحلة.
وبخصوص هذه الجزئية، هناك من يقول بل من يؤكد أنه رد على نواب طالبوه بأن يرد لهم جميلهم عليه كونهم سموه رئيساً لتشكيل الحكومة، قال لهم نواف سلام أنه جاء إلى رئاسة الحكومة من فوق رؤوسهم وأن فضل الخارج في تسميته أكبر بكثير من فضل الداخل.
والواقع أن حبل الأقاويل عن كيف تصرف نواف سلام خلال الأسابيع القليلة الماضية طويل جداً؛ ولكن يقال عن نواف سلام أيضاً أنه “كتوم جداً”، وهو لا يفشي بسره إلا للذي خلقه؛ ولذلك لن يكون مجدياً كثيراً الاستماع لما يقال عنه، بل سيكون ضرورياً انتظار ما ستقوله أعماله عنه!!.