خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
مرّ موعد ١٨ شباط من دون أن ينفذ الجيش الإسرائيلي انسحاباً كاملاً من لبنان. وهذا الأمر يعتبر خرقاً لاتفاق وقف النار أقله كما يفهمه لبنان؛ ذلك أن المضمون الكامل لهذا الاتفاق بورقتيه اللبنانية – الإسرائيلية والأميركية – الإسرائيلية لم يتم طرحه في مجلس النواب للموافقة عليه بعد اطلاع نواب الأمة على كل مضامينه. وطالما أن هذا الاتفاق غير مقروء بالكامل من قبل الرأي العام، فإن ذلك يترك ثغرة كبيرة من عدم الوضوح تجاه قضية هامة، وهي ضرورة وجود تحديد واضح ولا لبس فيه لواجبات وحقوق كل طرف في هذا الاتفاق.
بكل حال فإن بقاء الجيش الإسرائيلي على التلال الخمس الحاكمة داخل الأراضي اللبنانية، سيعيد بالتدريج الوضع على الحدود إلى مرحلة ما قبل العام ٢٠٠٠ الذي شهد خروج إسرائيل من كل الأراضي اللبنانية عدا مزارع شبعا التي هناك لغط بخصوص ملكيتها مع سورية. ومن جهة أخرى سيعيد الوضع داخل لبنان إلى المرحلة التي سادت بعد العام ٢٠٠٦ حيث أن اتفاق ١٧٠١ لم تنفذه إسرائيل ولم ينفذه حزب الله ولم تنفذه حتى الأمم المتحدة. الفكرة هنا أنه حينما لا ينفذ أي طرف موجبات القرار ١٧٠١ فإن ذلك سيستتبع عملياً وتلقائياً عدم تنفيذه كاملاً من قبل الأطراف الأخرى المعنية به. وعليه فإن بقاء إسرائيل داخل الأراضي اللبنانية يعد خرقاً للقرار ١٧٠١ ما سيستتبع حصول خرق لهذا القرار من قبل الأطراف الأخرى المعنية بتنفيذه.
بكلام آخر فإن إسرائيل ببقائها على التلال الخمس تؤسس لنشوء صراع بينها وبين مقاومة لبنانية أو إقليمية أو ايديولوجية داخل منطقة عمليات اليونيفيل المعروفة بمنطقة جنوب الليطاني.
إن ضمانة تنفيذ القرار ١٧٠١ لا يبدأ فقط من جدية خطوة نشر الجيش اللبناني في منطقة جنوب الليطاني، ولا يبدأ فقط من جدية تفعيل عمل اليونيفيل هناك، بل بالأساس يبدأ من إزالة سبب المشكلة الأساسية في تلك المنطقة، وهي الاحتلال الإسرائيلي الذي تصر حكومة نتنياهو على تمديد عمره حتى ولو من خلال البقاء على تلال محدودة جغرافيا ولكنها مهمة استراتيجياً وتقع غاية أهميتها في أنها لبنانية..
يبقى السؤال عما إذا كانت تل أبيب ستقبل بوضع موعد جديد جدي لانسحابها من هذه التلال؛ أم أنها ستقول أنها ستنسحب حينما يتوفر الموجب الأمني.
والأمر الثاني المهم هو ما إذا كانت إدارة ترامب ستعتبر أن إسرائيل رغم بقائها على التلال اللبنانية الخمس؛ فهي تعتبرها أنها نفذت كل واجباتها في القرار ١٧٠١؛ في حين أن على لبنان أن ينفذ ما تبقى عليه من واجبات.. مثل هذه المعادلة ستعني أن إدارة ترامب تغطي احتلال إسرائيل للتلال الخمس من جهة؛ وتخدم من جهة ثانية مقولة الشامتين الذين يقولون أن الدعم الأميركي للبنان يتبدد حينما تولد مفاضلة أمام ترامب بين مصالح تل أبيب وحقوق بيروت!!؟