خاص الهديل…
قهرمان مصطفى…
أن يتحاور السوريون فيما بينهم؛ كان حلماً من أحلام السوريين، نظراً لمنعهم من ذلك إبان حكم نظام الأسد، الذي كان يدير سوريا كما يشاء وكيفما يشاء؛ فآخر مرةٍ تحاور فيها السوريون كانت في عام 1950، عندما كان هناك جمعية وطنية تأسيسية تمخضت عنها الدستور لذلك العام. اليوم يتحقق حلمٌ آخر مع النصر هو الحوار الوطني.
كما وأسلفنا أن الحوار الوطني هو بمثابة النصر، وعليه فإنه يشكل خطوة رئيسة نحو الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي، وربما الآثار المتوقعة من هذا الحوار لا تتوقف فقط على مستوى الدولة والسوريين فحسب، بل تتعدى ذلك لتشمل العلاقة مع دول العالم.
هناك مستويات عدة على الحوار الوطني أن ياخذها بعين الاعتبار، نظراً لأن سوريا تشكل نسيجاً مجتمعياً واقتصادياً وسياسياً هاماً.. فعلى المستوى الاجتماعي، لا بد للحوار الوطني أن يكون ضامناً لاستقرار الداخل السوري؛ من خلال وجود حكومة تُمثّل مختلف الاتجاهات السياسية، وهذا التمثيل يضمن الاستقرار الاجتماعي، ويُعالج بعض الظواهر السلبية مثل الطائفية والعشائرية.
أما على المستوى السياسي، فالحوار يدعم جهود الحكومة في اكتساب الشرعية السياسية، واعتراف العالم بها؛ خاصةً أن تمثيل مختلف شرائح السوريين في الحكومة يُعدّ عاملاً رئيساً للانفتاح السياسي الدولي مع دمشق. أما اقتصادياً، يمكن للحوار الوطني دَعْم المؤشرات الاقتصادية بشكلٍ غير مباشر، فلا يمكن الحديث عن انتعاش اقتصادي وإطلاق مشاريع جديدة دون استقرار المجتمع السوري، كما أن مؤشرات الاستقرار الاجتماعي تُعد عاملاً مُهماً في استقبال الاستثمارات الخارجية؛ فالمستثمرون يُفضِّلون الدول المستقرة اجتماعياً وسياسياً؛ لكونها تُعد أكثر أمناً وأسرع نمواً اقتصادياً.
العبرة في نهاية المطاف ليست فقط بإطلاق حوار وطني، بل بقدرته على النجاح وتحقيق أهدافه، لذلك من الضروري أن يكون فعالاً، ويشمل مختلف أطياف المجتمع بدون أيّ إقصاء، وأن يناقش القضايا الحقيقية التي تَهم الجميع، مثل شكل الدولة، وهويتها، والعلاقة بين الحكومة والشعب، وغيرها من القضايا المُلحة.