خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
أعلن نتنياهو أمس أنه سيفرض حظر جوي وحماية عسكرية على منطقة جنوب دمشق التي تشتمل على محافظات القنيطرة والسويدا وجغرافيات أخرى؛ وقال أنه سيقدم الحماية لدروز سورية.
هذا الإعلان الإسرائيلي يعتبر أخطر فصل من حرب نتنياهو التي يشنها منذ الصيف الماضي، تحت عنوان تغيير الشرق الأوسط.
والواقع أن خطورة إعلانه يأتي بالدرجة الأولى من حيث توقيته السياسي الذي يتصف بأن المشرق العربي في حالة انكشاف استراتيجي أمام العدوانية العسكرية الإسرائيلية؛ وذلك بعد إسقاط النظام السوري وبعد تقدم إسرائيل عسكرياً داخل الأرض السورية لتسيطر عسكرياً على مناطق حاكمة ولتسيطر استخباراتياً على السويدا ودرعا عند الحدود السورية مع الأردن، أضف إلى أن سيطرتها على قمة جبل الشيخ تمنحها إمكانية استراتيجية للتحكم في لبنان وسورية؛ كما أن تمكن إسرائيل من توجيه ضربة قاسية لحزب الله منحها امتياز بخصوص كيفية تطبيق القرار ١٧٠١؛ زد على ذلك أن تغير بايدن ووصول ترامب إلى البيت الأبيض خلق حالة اندماج بين مشروع اليمين الصهيوني وبين تفكير إدارة ترامب اليمنية الصهيونية.
وما يجعل نتنياهو متفائلاً في اعتبار أن اللحظة العالمية والإقليمية الراهنة مناسبة لتحقيق أكثر خططه عدوانية هو وجود تقدير في تل أبيب أن الرئيس ترامب منشغل عن الإهتمام الجوهري بقضايا الشرق الأوسط وذلك نتيجة انشغاله بحروبه في أوروبا وبنزاعه الشرس مع الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأميركية.
وكل ما تقدم يقود لخلاصة بأن نتنياهو سيحاول استعمال مقص ترامب ليعبث ديموغرافياً بخريطة المنطقة عبر تشجيع توجه مكوناتها الدينية والعرقية والقومية لبناء كيانات مستقلة على حساب فكرة بقائها ضمن الدولة الوطنية المركزية الجامعة.
وفي حال نجح نتنياهو بتشجيع عمليات الانفصال على أساس عرقي وديني في سورية فهذا لن يقود فقط لتفكيك الدولة الوطنية المركزية السورية بل إلى تفكيك كل دول منطقة المشرق وتحويلها إلى كيانات دينية وعرقية وانفصالية.
إن لبنان مدعو للتنبه لحقيقة أن الحدث السوري لم يعد سقفه تغيير نظام بنظام بل أصبح يتفاعل ضمن أفق تغيير خرائط وإحلال ديموغرافيات مكان ديموغرافيات أخرى..