خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
يفتعل رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الأعذار والمشاكل من أجل تأجيل الدخول بالمرحلة الثانية من تطبيق اتفاق وقف النار المؤقت بين إسرائيل وحماس.. وكان يفترض بموجب الاتفاق أنه بعد ١٦ يوماً من بدء المرحلة الأولى أن تدخل حماس وإسرائيل بتفاوض غير مباشر على تفاصيل المرحلة الثانية.. وكان مفترض أنه بعد مرور ٤٢ يوماً على بدء المرحلة الأولى أن ينتقل اتفاق وقف النار لتنفيذ المرحلة الثانية التي تشتمل على انسحابات إسرائيلية واسعة من قطاع غزة ووقف الحرب، الخ..
.. غير أن نتنياهو يخترع الأعذار والمشاكل حتى يطيل أمد المرحلة الأولى ويبقى فيها..
وبنفس الوقت يمارس نتنياهو مع لبنان نفس الأمر فهو يفتعل المشاكل كي يؤجل الانتقال لما يمكن تسميته بالمرحلة الثانية من اتفاق تنفيذ القرار ١٧٠١.. وبحسب موجبات هذا الاتفاق كان يجب على نتنياهو أن ينسحب من جنوب لبنان بعد ستين يوماً من بدء الاتفاق بين إسرائيل ولبنان ولكنه لم يفعل ذلك متذرعاً بأن لبنان لم يقم بما هو مطلوب منه خلال الستين يوماً.
والواقع أن متابعة ما يفعله نتنياهو مع اتفاق غزة وما يفعله مع اتفاق لبنان يؤدي إلى استنتاج واضح قوامه التالي:
في غزة يريد تمديد المرحلة الأولى لتصبح “مرحلة أولى ١” و”مرحلة أولى ٢”؛ المهم هو أن تبقى الحرب في نطاق المرحلة الأولى ولا تتعداها للمرحلة الثانية.
وفي لبنان قام نتنياهو بتمديد مرحلة الستين يوماً لتصبح “ستين زائد أسبوعين”، ومن ثم “ستين زائد أسبوعين مضافاً إليهما عدة أيام جديدة”، وهكذا.. وواضح أن كل هم نتنياهو من ذلك هو أن تبقى حربه على لبنان في نطاق الستين يوماً التي هي “لا هدنة ولا حرب مفتوحة”، بل “لا حرب أو لا سلم؛ ونفس الأمر في غزة حيث المطلوب البقاء في المرحلة الأولى التي معناها “لا هدنة ولا حرب مفتوحة” و”لا حرب ولا سلم”.
وإذا كان المراقبون يقولون أن نتنياهو يفعل ذلك في غزة لأنه يخاف إن هو دخل المرحلة الثانية وثبت وقف إطلاق النار هناك، أن يخرج سيموتريتش من حكومته مما سيؤدي إلى إسقاطها. وإن صح أن هذا هو فعلياً سبب بقاء نتنياهو في المرحلة الأولى في غزة؛ فإن السؤال لماذا لا ينتقل إلى تنفيذ مرحلة ما بعد الستين يوماً في لبنان، خاصة وأنه لو فعل ذلك لن يكون هناك أي رد فعل داخل إسرائيل ضد حكومته!!؟
على ما يبدو أصبح الأمر واضحاً وهو أن نتنياهو يريد إبقاء حالة الحرب مع غزة مفتوحة حتى يظل مناخ الحرب هو المخيم على علاقة إسرائيل بالفلسطينيين، مما يسمح له ليس فقط بالحفاظ على وحدة اليمين المتطرف داخل حكومته؛ بل على الاستمرار بخطط تهجير الفلسطينيين داخل غزة وداخل الضفة الغربية. أما في لبنان فهو يريد استمرار جو الحرب مخيماً حتى يتسنى له تحقيق أمر غاية في الخطورة؛ وهو جعل ميدان لبنان وسورية ميداناً واحداً ما يمكنه لاحقاً من تنفيذ استراتيجية واحدة ضد البلدين لا يمكن في هذه اللحظة تبصر تفاصيل أهدافها.
ما يفعله نتنياهو في هذه اللحظة هو أنه يقف على رأس هضبة جبل الشيخ ليقول أن إشارة بدء الهجوم الاستراتيجي الإسرائيلي المباشر أو غير المباشر على كل من لبنان وسورية سيحصل في توقيت تل أبيب المناسب.
المطلوب عربياً الضغط على كل أبواب الرياح التي يمسك بمفاتيحها نتنياهو، وذلك بغية إخراج نفوذه عليها؛ والمقصود هنا مفتاح التلال الخمس في جنوب لبنان ومفتاح جبل الشيخ ومنطقة ال٣٠٠ كلم في سورية ومفتاح الخروج استخباراتياً في منطقتي السويدا ودرعا؛ علماً أن بقاء هذه المفاتيح مع نتنياهو سيعني أن إسرائيل ستتسبب بخراب استراتيجي وجيوسياسي جديد ستشهده منطقة المشرق العربي قريباً.