ما معنى التظهير الرمزي لـ”قوّة الرضوان” في مراسم تشييع نصرالله؟
لفت متابعي التشييع الذي نظمه “حزب الله”، الأحد الماضي، لأمينيه العامين السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، وجود ثلة عسكرية تسير بصفوف منظمة وراء النعشين، من المدينة الرياضية إلى المثوى الأخير للسيد نصرالله بالقرب من الطريق القديمة للمطار، وقد ارتدى أفرادها زيا عسكريا موحدا أخفى وجوهم بقناع بلاستيكي. ولم تلبث وسائط الحزب الإعلامية أن كشفت أن هذه الثلة هي وحدة من تشكيلات “قوة الرضوان”، التي ذاع صيتها في المواجهات الأخيرة مع الإسرائيليين، باعتبارها قوة نخبوية أخضعت لتدريبات نوعية أعدتها لتكون قوة اقتحام مهمتها دخول منطقة الجليل الأعلى.
لذا كان بديهيا أن تسهب تصريحات القادة الإسرائيليين خلال أشهر المواجهة الـ15 في الحديث عن نجاح إسرائيل في توجيه ضربات قاصمة لقيادات هذه القوة وعناصرها عبر إغارات طالت أولا القائد الميداني الأبرز لهذه القوة، وسام الطويل، إبان وجوده في خربة سلم، وصولا إلى “التصفية الجماعية” لأركان حرب هذه القوة خلال اجتماع لهم في قلب الضاحية الجنوبية عبر غارة استهدفت مقر غرفة عملياتهم في حارة حريك.
وفي الأسابيع الأخيرة من تلك المواجهات الضارية، نقل الإعلام الإسرائيلي عن القيادة العسكرية في تل أبيب معطيات تثبت أنه تمت “إبادة” هذه القوة التي كانت متمركزة على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل، وخصوصا أن عناصر هذه القوة قاتلوا بأمر من قيادتهم فحواه أن “عليكم ألا تنسحبوا مهما كانت الظروف”.
وفي خضم الأحاديث والسرديات عن الخسائر الضخمة التي مني بها الجسم العسكري للحزب، اختفى الكلام عن مصير “قوة الرضوان”، سواء من جانب الإسرائيليين أو من جهة الحزب، ما ترك انطباعا بأن هذه القوة التي جعلها الإعلام الإسرائيلي “قوة خارقة” وعظّم قدراتها، قد سحبت من الخدمة واحتجبت عن دائرة الضوء، وخصوصا أن الحديث تعاظم أخيرا عن أن الحزب سحب كل تشكيلاته المقاتلة من منطقة جنوب الليطاني، وسلّم ما تبقى من أسلحته هناك إلى الجيش اللبناني.
وبناء على هذه المعطيات، كانت إحدى مفاجآت يوم التشييع، أن تظهر “قوة الرضوان” مجددا.
الواضح أن الحزب تقصد من وراء هذا “الاستعراض” الرمزي أن يحاكي الحضور الكثيف لبيئته. بمعنى آخر، هي رسالة من الحزب يثبت فيها أن في مقدوره تقديم أدلة عملانية تبرهن أنه رغم كل الضربات التي تلقاها من إسرائيل، لم يفقد بعد جمهوره وبيئته الحاضنة كما لم يفقد في الوقت عينه قدرته على تفعيل قوته العسكرية من خلال استعراض رمزي لـ”قوة الرضوان” بالذات، وعلى مرأى من الإعلام العالمي الذي تابع مراسم التشييع في بيروت.
وتذكر أوساط على صلة بالحزب أن هذا الأمر ليس عرضا رمزيا يرفع معنويات جمهور الحزب، بل إن له أبعادا تتصل برسم حدود معادلة مزدوجة فحواها أن الحزب الذي نجح في إعادة تظهير قوته الشعبية خلال أقل من ثلاثة أشهر، لم يتخلّ عن مهمة إعادة تاكيد حضوره العسكري، ويثبت سقوط فرضية روّج لها خصومه، مفادها أنه في طريقه إلى حل تنظيمه العسكري وتسريح عناصره، خصوصا أن الخصوم روّجوا أيضا لنظرية أنه لم يعد في إمكانه الاحتفاظ بذراعه العسكرية بعد الضربات القاسية التي تلقاها