خاص الهديل…
غنوه دريان….
متحف فيروز الناطق باسم اللبنانيين في جميع الأزمنة
اليوم، مع الحديث عن تحويل بيت فيروز القديم في زقاق البلاط إلى متحفٍ يحكي قصص تلك السيدة التي ترعرعت بين لحن وموسيقى، نطرح السؤال التالي:
هل يمكن لمتحف فيروز أن يعيد ذاكرة الوطن، لعلّه يصبح بوابة لاسترجاع لبنان الذي تغنّت به دوماً؟ قطعاً المتحف هو تكريم لفنّها العظيم العالق بوجدان كلّ لبناني، مع ذلك عميقاً، يرجو بعضنا أن يجد داخل ذلك المتحف” بيروت”، العاصمة المعلّقة بين الأغاني. لكن لربما نحن نبحث عن مدينةٍ تغيّرت معالمها بفعل الزمن، تماماً كما تغيّرت أحلام قاطنيها.
فنانة كشخصها يجب أن تكرّم، ولربما المتحف هو أقل ما يمكن للدولة اللبنانية أن تقدمّه لها. إعادة إحياء تلك الأحجار بمثابة إعادة إحياء ذاكرة تم إطفاؤها بحجة” الزمن ما بيرجع”. أجل الزمن لا يعود، لكن ذكرياته تطرق أبوابنا عنوةً لتذكرنا بالماضي الجميل.
لكن ذلك لا يمنعنا عن السؤال: هل المتحف سيكون شبيهاً لفيروز، نابضاً بالفن والموسيقى؟ هل ستحكي كلّ زاوية عن ماضٍ؟ وهل ستخبرنا أركانه عن تاريخ تلك الفنانة العظيمة؟ لربما بعض الحكايات ستروى عن بيروت الراسخة في ذاكرة فيروز.
فيروز غنّت لبيروت تحت وطأة الحرب، لم تكن مجرد أغنية رثاء بل وعدٍ قطعته الفنانة لبيروت التي وإن انطفأ وهجها ستبقى معلّقة فوق أعمدة الذاكرة.
لكن بيروت التي ترعرعت داخل أغنيتها تغيّرت. تلك المدينة النابضة بالفن والمسارح والأدب، أمست بؤرةً تستقطب الأزمات والحروب والنزاعات.
أغاني فيروز تطلّ على الجيل الجديد في الصباحات، بعضنا لا يعرفها أكثر من فنانة ترافقنا إلى العمل صباحاً أو تؤنس كوب قهوتنا، لذا سيكون المتحف محطة تاريخية لنا، تحكي عن فيروز لم نعرفها قط، عن نجمة فنية وصلنا من وهجها القليل،
لربما المتحف لن ينشأ لبنان جديداً، بل سيعيد إلينا حلماً موجوداً في أغاني فيروز. لن يتغير الواقع الذي نعيشه اليوم، لكنه قطعاً سيكون قطاراً يأخذنا إلى الماضي، يعرّفنا عن لبنان سمعناه فقط في حكايات أجدادنا، أولئك الذين عرفوا فيروز.
لربما يكون المتحف فرصةً كي نحلم من جديد، نحلم بصورة لبنان في ذاكرة الرحباني، صورة نحب رؤيتها في بلدنا، وأخيراً لربما سنجد فيه جزءاً من أنفسنا، ذلك الجزء الذي لا يزال يؤمن بلبنان، رغم كل شيء.