خاص الهديل….
كتب بسام عفيفي
تقصّد الرئيس جوزاف عون أن تكون أول زيارة له إلى الخارج هي للمملكة العربية السعودية، وهذا الأمر يحمل رسالة واضحة إلى أن العهد الرئاسي الجديد يؤمن بأمرين إثنين أساسيين الأول أن لبنان يجب أن ينقي علاقاته ببيئته العربية الطبيعية من الشوائب؛ والأمر الثاني أن السعودية هي مفتاح باب لبنان إلى العالم العربي..
طالما اعتبر اللبنانيون منذ استقلال بلد الأرز حتى الآن أن للبنان جارين إثنين: جار قريب هو سورية، وجار بعيد هو السعودية. وإذا كانت الحدود تجعل سورية ممر لبنان البري إلى العالم العربي، فإن حدود التضامن العربي تجعل السعودية هي ممر لبنان الاستراتيجي إلى المعادلة السياسية العربية أو ما يمكن تسميته بالنظام العربي الرسمي.
لا شك أن علاقة الرئيس جوزاف عون بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، تشكل رصيداً وزخماً للتفاؤل اللبناني الذي استجد مع انتهاء الشغور الرئاسي وانتخاب رئيس جديد، والذي نقل لبنان من مرحلة الشلل إلى مرحلة التحفز لإطلاق جهد وطني داخلي وإقليمي عربي مخلص هدفه استعادة الدولة وإصلاح الوضع المالي والاقتصادي وإعمار البلد وما هدمته الحرب.
واضح أن العلاقات اللبنانية السعودية بعد زيارة الرئيس جوزاف عون للسعودية لن تكون كما كانت قبل الزيارة؛ صحيح أن علاقات البلدين تاريخية وهي بالعمق لم تنقطع يوماً، ودائماً كانت أقوى من الأزمات التي تنتابها لأسباب مختلفة؛ ولكن الموضوعية تحتم الإعتراف بأن الرغبة الكبيرة الهادفة لطي صفحة الغيمة العابرة التي شهدتها العلاقات السعودية اللبنانية في السنوات الأخيرة، وذلك لأسباب غير لبنانية وغير سعودية. سوف تحمل الطرفين السعودي واللبناني، بقيادة خادم الحرمين وولي العهد السعودي والرئيس جوزاف عون على الإصرار على تحصين هذه العلاقات عبر جعلها من جهة علاقة مؤسساتية تقوم على قواعد استراتيجية بين دولتين تمثلان شعبين شقيقين ومصالح مشتركة، وليس بين السعودية وأطراف في لبنان.
.. ومن حهة ثانية سترتكز هذه العلاقات على قواعد واضحة تعطي نتائج مستدامة على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري والأمني.
إلى ذلك فإن زيارة الرئيس جوزاف عون إلى السعودية تحقق جملة أهداف هامة يحتاجها لبنان بإلحاح:
أولاً- هذه الزيارة تضع بلد الأرز على سكة استعادة دوره العربي وذلك انطلاقاً من بوابة العرب الاستراتيجية، أي بوابة المملكة العربية السعودية.
ثانياً- تخدم هذه الزيارة مصالح جزء غير قليل من لبنان المغترب حيث أن المغتربين اللبنانيين في السعودية يسهمون بجزء هام من الدخل القومي اللبناني.
ثالثاً- إن الثقل السياسي العربي والإقليمي والدولي الذي تمثله السعودية هو عامل استراتيجي يحتاجه لبنان للإرتكاز عليه حتى يتجاوز تحديات تواجهه عن طريق نصب حواجز دولية وإقليمية موجودة على طريقه لإنجاز ملفات هامة منها ملف الإعمار وملف شفافية إعادة بناء الاقتصاد وملف إرغام إسرائيل على الخروج الكامل من أرضه؛ الخ..
والواقع أن إعادة لبنان إلى السعودية واستعادة الرياض لتكون مع بيروت في طموحاتها لاستعادة دورها في منطقتها هو إنجاز استراتيجي يتحقق اليوم من خلال لقاء ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع رئيس الجمهورية جوزاف عون.