خاص الهديل….
قهرمان مصطفى…
منذ أكثر من عام، يرفض الكيان الإسرائيلي أي حل سياسي لقضية الأسرى، وكان يصر على الحل العسكري. لكن بعد فشل الحرب، اضطر إلى قبول التفاوض. واليوم، وبعد تنفيذ جزء من اتفاق تبادل الأسرى، هناك مخاوف من عودة الكيان للحرب.
قد يكون هدف الاتفاقية هو فقط استعادة الأسرى، ولكن من الممكن أن يتبعها استئناف العدوان في وقت لاحق، وعليه فإنه هناك عدة أسباب قد تدفع الكيان للعودة إلى الحرب، ومن أبرزها:
أولاً، يؤكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر من مرة أن الحل في غزة لن يكون إلا عسكرياً. هو الآن مضطر لإرضاء وزراء اليمين المتطرف في حكومته، حيث إن الخلاف معهم قد يؤدي إلى انهيار الحكومة وفوز المعارضة؛ وفي هذا السياق، قد يبحث الكيان عن مبرر جديد للعودة إلى الحرب.
ثانياً، يسعى الكيان الإسرائيلي إلى تهجير سكان قطاع غزة في إطار مشروع أمريكي ضخم يهدف إلى ربط الهند بالخليج العربي، إسرائيل وأوروبا. يعد هذا المشروع ذو أهمية كبيرة لأمريكا كوسيلة لمواجهة مشروع الحزام والطريق الصيني، الذي يربط العالم عبر شبكة كبيرة من الخطوط التجارية.
ثالثاً، تعد غزة نقطة استراتيجية في هذا المشروع، ولذلك يهدف الكيان إلى تهجير سكانها لتسهيل تنفيذ هذه المشاريع الكبرى. كما أن الكيان يخطط لمشاريع أخرى، مثل قناة بن غوريون التي ستربط البحر الأحمر بالمتوسط، وغزة تعد عقبة أمام تنفيذ هذا المشروع أيضاً.
ورغم هذه الأسباب، هناك العديد من العقبات التي قد تمنع الكيان من العودة إلى الحرب ضد قطاع غزة، من أبرزها التكلفة الاقتصادية المرتفعة. فقد خسر الاقتصاد الإسرائيلي أكثر من 67 مليار دولار بسبب الحرب السابقة، إضافة إلى التراجع الكبير في العديد من القطاعات مثل السياحة والنقل. قطاع السياحة وحده تكبد خسائر تجاوزت 18 مليار دولار، في حين أغلقت أكثر من 60 ألف شركة.
هذا الواقع الاقتصادي يشكل ضغطاً كبيراً على حكومة نتنياهو. وإذا ما تم استئناف الحرب، فإن الخسائر ستتضاعف، مما يزيد الضغط على الحكومة الإسرائيلية.
الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، يوافق على تهجير سكان القطاع ولكن ليس من خلال الحرب. فمشروعه يعتمد على تهدئة الجبهات المختلفة ويركز على مواجهة التحديات مع الصين. كما يسعى إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا وتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. لذلك، من غير المرجح أن يدعم أي حرب جديدة في المنطقة.
أما أوروبا، فترى أن ترامب قد تركها في مواجهة روسيا، مما يجعلها مترددة في دعم أي حرب جديدة، خاصة وأن الحروب التي دعمتها أمريكا في الماضي كانت ضد مصالح أوروبا. كما أن ما حدث في أوكرانيا جعل أوروبا تشكك في دعم أي حرب جديدة، خصوصًا إذا كانت ستتسبب في تهجير سكان قطاع غزة إلى أوروبا الشرقية، ما يعني زيادة في أعداد اللاجئين وضغوطًا جديدة على القارة.
خلاصة القول، فإنه من غير المرجح أن تشن إسرائيل حربًا جديدة في قطاع غزة. الظرف الدولي لا يدعم أي صراع إضافي، والتهديد بالحرب قد يكون مجرد ورقة ضغط نفسية على سكان القطاع، بهدف دفعهم لقبول مشروع التهجير في المستقبل. بالتالي، فإن العودة إلى الحرب ليست في مصلحة الكيان الإسرائيلي، وقد تكون مجرد مناورة سياسية تستخدمها إسرائيل في إطار الضغط على سكان غزة.
إلى اللقاء.