خاص الهديل..
![]()
قهرمان مصطفى …
وأخيراً خطت الأقلام القول الفصل، وها هو التاريخ يُكتب من جديد في سوريا، حيث لا مجال للتوقعات أو التكهنات؛ فهناك أمران لا ثالث لهما، وهما بداية لمرحلة جديدة ومفصلية في تاريخ البلاد، فلحظة توقيع الاتفاق بين قوات سوريا الديمقراطية والحكومة السورية الجديدة في دمشق وإدماجها ضمن مؤسسات الدولة، تبدأ سوريا بذلك مرحلة جديدة بعيداً عن الضامنين والمراقبين، مرحلة يكون فيها التغيير من داخلها، ويعود فيها الأمل إلى قلب السوريين.
بهذا الاتفاق، تعود النجمة الثالثة إلى العلم السوري، معلنةً نهاية الألوان المتضاربة التي كانت تملأ سماء الوطن. وتُمحى من الخرائط التوزيعات المريبة للقوى، ويُكتب التاريخ من دمشق كما كان في الماضي، العاصمة التاريخية التي تحتفظ بمكانتها ومركزها منذ مئات السنين.
في هذه اللحظة، يعيد التاريخ نفسه، حيث يجد السوريون أنفسهم على الطاولة التي أراد الرئيس السوري أحمد الشرع ترتيبها بعيداً عن الضوضاء، وعلى حين غرة، ومن دون سابق إنذار، تنشر الرئاسة السورية الصور وتعلن عن ميلاد جمهورية سورية جديدة؛ وفي هذا الإعلان، يؤكد الرئيس السوري على أن لا مكان للطائفية، ولا للتفرقة، ولا للكراهية بين السوريين في الدولة الحديثة، التي ستبنى على أسس الوحدة والمساواة.
ومع إعلان خبر الاتفاق، بدأ الميدان بالتفاعل، وبدأت الاحتفالات تعم أرجاء سوريا، في عاصمتها وشرقها، وشمالها وغربها. ولا سيما في تلك المناطق التي كانت تشهد صراعاً طويلاً، كإدلب، التي كانت مهداً للتحرير، وحاضنة للسوريين في شتاتهم الطويل. وا هي تحتفل مع سائر السوريين بالاتفاق التاريخي الذي أُبرم بين قوات سوريا الديمقراطية والرئاسة السورية.
وعليه فإن الاتفاق الذي تم بين الطرفين – دمشق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) – دخل الملف السوري مرحلة جديدة قد تشكل منعطفاً استراتيجياً في مسار بناء دولة ديمقراطية تعددية؛ ومن جهة اخرى فإن توقيت هذا الاتفاق يشكل انعكاسا لديناميكيات معقدة يشهدها المشهد السوري، حيث تأتي هذه الخطوة في ظل تغييرات متسارعة وتحديات متزايدة. ويعكس الاتفاق مرحلة جديدة من التفاهمات بين الأطراف المعنية، مما يثير تساؤلات حول آفاقه المستقبلية وكيفية ترجمته على أرض الواقع.
وبغض النظر عن تفاصيل الاتفاق الذي تم الإعلان عنه، فإن هذه الخطوة ستلقي بظلالها على مختلف الملفات السياسية والأمنية، ممهدة الطريق لانفراج محتمل. ويؤكد أن سوريا المستقبلية ستشهد حضوراً كردياً فاعلاً في مستويات الحكم العليا، في إطار توافقات وطنية تعزز الشراكة بين جميع المكونات حتى تتضح ملامح الخارطة السياسية الجديدة.
والأهم من ذلك، فالاتفاق جرى برعاية أطراف دولية كبرى، مما يعني أن أي تصعيد أمني في مناطق مثل الساحل السوري قد يعرقل تنفيذه، وهو ما لن تسمح به القوى الراعية.
مجمل القول، الاتفاق الذي حصل بين قسد والحكومة الجديدة يعتبر لحظة التاريخية، ويمثل بذلك بداية لمستقبل مختلف في سوريا، حيث يتمكن السوريون أخيراَ من العيش في وطن موحد، بلا طائفية، بلا تفرقة، وبلا كراهية. لحظة جديدة تنبض بالأمل، وتنذر ببداية عهد جديد يعيد لسوريا مكانتها في العالم، ويعزز من استقرارها ووحدتها.

