خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
توجد ما يمكن تسميته “باختبار” يستحق أن يتم إجراؤه وهو التدقيق بعد نحو أسبوعين من لقاء نتنياهو – ترامب بأمر مهم أقله بالنسبة للعرب وللفلسطينيين ولبيروت؛ وهو ما هي النتائج العملية والملموسة التي ظهر أن اللقاء حققها؟؟.
لماذا يتم طرح هذا السؤال؛ ولماذا يتم اعتباره مهماً، خاصة للعرب وللفلسطينيين ولبيروت؟.
.. ببساطة لأن التحليل الذي تم اعتماده لوقائع لقاء نتنياهو – ترامب ركز على أن الأخير قال لنتنياهو كفى.. أوقف حرب غزة. إذهب لصفقة.. يجب أن يخرج الرهائن من أسر حماس وبالأخص الرهينة ألكسندر الجندي الإسرائيلي من أصل أميركي، الخ..
الجميع تقريباً اعتبر أن لقاء البيت الأبيض الأخير أظهر بوضوح أن ترامب غير بايدن وأنه حينما يقطب حاجبيه فإن نتنياهو يخاف وسيلبي كل طلباته؛ وعليه كان يتوقع على نطاق واسع لدى العرب أن سلوك نتنياهو في غزة ما قبل لقائه بترامب لن يكون هو ذاته كما سيكون بعده..
وبعد نحو أسبوعين من لقاء البيت الأبيض الذي وصف بأنه كان بمثابة استدعاء ترامبي لنتنياهو؛ يتبين الآن وبالملموس أن شيئاً في سلوك نتنياهو المتعنت بخصوص غزة ومفاوضات الأسرى لم يتغير؛ وتبين أيضاً ليس فقط أن نتنياهو لم يقلل من تعنته بعد لقائه بترامب الذي افترض العرب أن الأخير خلاله ضغط عليه والبعض قال هدده؛ بل زاد نتنياهو من تغوله في غزة ومن تطرفه على مستوى رفض مطالبته بإبداء مرونة لإطلاق الأسرى سواء ألكسندر أو الآخرين.
واتضح الآن أنه قبل لقائه ترامب، كان نتنياهو يتعنت وبعد لقائه بترامب زاد أضعافاً من تعنته؛ حيث أضاف أربعة شروط جديدة لوقف النار لم تكن موجودة قبل لقائه بترامب: ١- قبول حماس بالحديث بمقترح ترامب؛ أي أن توافق حماس مبدئياً على تهجير غزة؛ ٢- تفكيك سلاح حماس؛ وهذا اقتراح لم يكن أيضاً موجوداً سابقاً؛ ٣- إخراج قادة حماس من غزة؛ ٤- بقاء الجيش الإسرائيلي في غزة..
الاستنتاج الأساسي من النتيجة التي يقولها هذا الاختبار حول مدى تأثير ترامب على نتنياهو، مفاده التالي: لا فرق بالنسبة لنتنياهو بموضوع مدى التأثير النوعي على موقفه من غزة ومن لبنان ومن سورية ومن كل العرب، بين ترامب أو بايدن أو بين أوباما أو كلينتون. فجميع رؤساء الولايات المتحدة الأميركية إما لا يريدون، وإما لا يستطيعون، وإما لا يريدون ولا يستطيعون ممارسة تأثير نوعي وجوهري على موقف رئيس حكومة إسرائيل من القضايا التي يسمونها حماية أمن إسرائيل ووجودها في المنطقة..
.. ذات يوم قال كيسنجر أنه لا توجد لواشنطن سياسة أميركية في الشرق الأوسط، بل توجد سياسة إسرائيلية في الشرق الأوسط.. وهذا الكلام تستمر تطبيقاته قائمة مع ترامب كما كانت قائمة مع بايدن واستمرت قائمة مع أوباما كما كانت قائمة مع كلينتون ونيكسون، الخ..
بعد خروجه من البيت الأبيض كتب باراك أوباما انطباعاته عن فترة حكمه للولايات المتحدة الأميركية؛ وخصص فصلاً من كتابه حول هذا الموضوع لشرح علاقته بنتنياهو وقوة الأخير داخل أميركا؛ وخلص للقول بما معناه: ان هناك أسباباً عميقة تجعل أضعف رئيس حكومة في إسرائيل يملك من التأثير على البيت الأبيض ومنظومة الحكم الأميركية أكثر من أقوى رئيس دولة في العالم.. ويلفت أوباما إلى أن نتنياهو ليس أضعف رئيس حكومة بل أقوى رئيس حكومة في إسرائيل؛ وعليه فإن قوته داخل أميركا مضاعفة.
الاستنتاج الثاني الأساسي الذي يجب أن تقود إليه نتائج هذا الاختبار هو التالي يجب على العرب عدم الرهان على أن وجود ترامب سوف يمنح فرصة لممارسة ضغط نوعي من ساكن البيت الأبيض القوي على سياسات إسرائيل وبخاصة على سياسات نتنياهو في المنطقة. وهنا يجب على لبنان أن يأخذ باعتباره أن واشنطن بخصوص أزمة تنفيذ اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل، سوف تضغط على بيروت ولن تضغط على تل أبيب!!