خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
وصفت قناة ١٢ الإسرائيلية الاعتداءات الإسرائيلية التي حدثت أمس على مواقع عدة في جنوب لبنان بالقول أنها تشكل ما يمكن وصفه بيوم مهم للجيش الإسرائيلي على مستوى ضرب حزب الله.
التوصيف لهذه العمليات يلفت النظر ويستوجب التوقف عنده في محاولة لتفكيك خلفياته التي تنطوي على عدة أمور:
الأمر الأول – يريد هذا التوصيف الإيحاء بأن اعتداءات أمس لا تمثل فقط استمراراً لمسار الاعتداءات المستمرة منذ وقف النار حتى الآن؛ بل تشكل نقطة تحول تصعيدي داخل هذا المسار؛ لذلك قال الجيش الإسرائيلي أن هذه الاعتداءات تتصف بأنها تشكل يوماً مهماً أو محطة مهمة للجيش أو لعمل الجيش الإسرائيلي ضد لبنان.
الأمر الثاني وهو استكمال للأول من حيث أنه ينتج سؤالاً: إلى أين تريد إسرائيل أخذ التصعيد ضد لبنان في هذه المرحلة التي تعتبرها جديدة ومهمة للجيش الإسرائيلي(؟؟)؛ بمعنى آخر إلى أين سيتجه التحول في مسار التصعيد؛ هل المقصود تكثيفه عسكرياً؟؟ أم إستخبارتياً؟؟ أم الأمران معاً. وهل المقصود ذهاب نتنياهو أبعد من ذلك بحيث يفاجئنا بعقد كابينت الحرب ليقول مثلاً قررت إسرائيل إضافة هدف جديد على الحرب وهو استمرارها في الحرب مع لبنان حتى تحقيق هدف تأمين شروط عودة مستوطني الشمال التي لم تستكمل بعد؛ وعليه قررت إسرائيل أن تطبق بنفسها القرار ١٧٠١ على الجانب اللبناني.
ليس مستبعداً بحسب مراقبين أن يذهب نتنياهو في خضم متاهته السياسية الداخلية للهروب إلى الأمام على الجبهتين اللبنانية ومع غزة؛ بحيث يجري تعديلات على صياغة القرار الإسرائيلي الحربي فيعلن استمرار الحرب على لبنان حتى تحقيق “النصر المطلق” المتمثل باستسلام حزب الله على غرار مطلبه باستسلام حماس..
بمعنى آخر أن يعتبر نتنياهو أنه من دون النصر المطلق في لبنان لن يتم تأمين كل مستلزمات الأمن على الطرف اللبناني لضمان عودة مستوطني الحدود الشمالية مع لبنان..
لماذا يمكن افتراض حدوث هذا السيناريو المتطرف للغاية والذي يوجد ألف سبب منطقي لاستبعاده إلا أنه بالمقابل يوجد سبب واحد لاحتمال حدوثه وهو شخصية بنيامين نتنياهو الموغلة في ربط استمرار الحرب بمصالحها الشخصية والسياسية…
الفكرة الأساس هنا التي تدعو للخشية من احتمال حدوث السيناريو المتطرف الإسرائيلي ضد لبنان المستبعد منطقياً وغير المستبعد في الوقت عينه انطلاقاً من أن عقدة نتنياهو؛ تتمثل (أي الفكرة الأساس) بالتالي: الجيش الإسرائيلي أعلن عملياً أمس أن اعتداءات يوم أمس هي محطة جديدة في سلوك الجيش الاسرائيلي مع لبنان وعليه يتوقع أن يبني عليها مسار جديد من التصعيد!!. منهجية الربط الجدلي بين مكونات هذا الخبر تقود للإشارة إلى أن الجيش الإسرائيلي يعيش في هذه اللحظة تفاعلات لها صلة بالتغيير الذي حصل في قيادته؛ حيث أن قائده يتبنى سياسة هجومية وينفذ إملاءات نتنياهو وليس فقط أوامره.
.. وعليه فإن نتنياهو في لحظة مواتية لاستعمال قائد الجيش لأقصى حد في مشروع حل مشاكله الداخلية؛ أي أنه متوقع جداً أن يستعمل نتنياهو الجيش كحصان يهرب به إلى الأمام: من جهة إلى مزيد من الحرب في غزة وفي لبنان؛ والهدف من ذلك أن يتم تحويل نظر الإسرائيليين عن مشهد عرض بار لفضائح نتنياهو أمام المحكمة (مقرر أن يمثل بار أمامها غداً) إلى مشهد خوض نتنياهو حروب جديدة في غزة..
باختصار خلال الأسبوع الحالي سيتضح من يقود إسرائيل روني بار رئيس الشاباك أم رئيس الوزراء نتنياهو؟؟.
سلاح بار هو ما يملكه من معلومات ووثائق تدين سلوك نتنياهو؛ أما سلاح نتنياهو فهو الجيش والحرب وشارع يميني متطرف جاهز حتى لقتل بار مادياً وليس فقط معنوياً بحسب ما أعلن ذلك صراحة أمس رئيس المعارضة يائير لابيد..
الاستنتاج الأساس هنا هو أن لبنان قد يكون أحد الأثمان التي سيلجأ نتنياهو للتفكير بحصدها في مناورته للتخلص من هجوم بار وما يمكن بالدولة العميقة ضده؛ خاصة وأن الوقائع التي جرت بعد لقائه ترامب – نتنياهو أكدت أن الأول ضغط على نتنياهو كي يوقف استفزازته في سورية بينما هو أطلق يده في غزة ولم يكفها عن لبنان.