خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
قدم رئيس الشاباك روني بار ورقتين للمحكمة الأولى علنية وتتضمن ٦ تهم معلنة ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو والثانية سرية وتتضمن تفاصيل تدينه بارتكابات خطرة.
من بين التهم المعلنة في الورقة الأولى أن نتنياهو طلب من بار أن يستعمل إمكانات الشاباك الكبيرة كي يتنصت لصالحه على معارضيه وعلى المتظاهرين المطالبين بعقد صفقة لاسترجاع الأسرى الإسرائيليين الموجودين لدى حماس.
أيضاً اتهم روني بار نتنياهو بأنه طلب منه أن يفبرك تقريراً استخباراتياً يظهر زيفاً بأن ذهاب نتنياهو إلى المحكمة للإدلاء بشهاداته المتتالية يشكل خطراً على حياته..
ومجمل التهم التي وجهها بار لنتنياهو تظهره على أنه ديكتاتور يريد أن يحكم من خارج القانون ويعطي لنفسه شرعية استثنائية تمنحه الحق لمطالبة المسؤولين في الدولة كي يتعاملوا معه بوصفه سلطة مطلقة تستحق الطاعة العمياء..
خلال السنوات الأخيرة التي تميزت داخل إسرائيل بأنها عصر نتنياهو، بوصفه يمثل موهبة الحياة السياسية الإسرائيلية، كتب الكثيرون من الصحفيين والسياسيين والباحثين في موضوع كيف ينظر نتنياهو لنفسه؛ واتفق هؤلاء على أنه يقارن نفسه بزعامة مؤسس “الدولة” بن غوريون.. والبعض الآخر من نخب إسرائيل اعتبروا أن نتنياهو بدأ مؤخراً ينظر إلى مكانة بن غوريون من فوق؛ بمعنى أن زعامته تفوق الأخير بما لا يقاس؛ أو أقله بأن أهمية بن غوريون تقع في زوايا محددة بمقابل إخفاقات له توجد بزوايا أخرى؛ أما هو – أي نتنياهو – فإن زعامته تتميز بعامل استثنائي وهو أن فيها إرادة وروح انبعاث إسرائيل المتجدد؛ وهذه ميزة لم يملكها أحد من الزعماء الذين مروا على الحركة الصهيونية وعلى دولتها ابتداء من هرتزل مروراً بزئيف جابوتنسكي مروراً ببن غوروين فغولدا مائير وصولاً لمناحيم بيغن وارييل شارون وإسحق رابين، الخ..
يلاحظ أن نتنياهو منذ بدء حرب غزة وهو يحاول فعل أمرين إثنين: الأول توسيع أهداف الحرب حتى يظهر أنه يقود ولادة جديدة لإسرائيل “المملكة” وليس فقط تثبيت أمن “الدولة” القائمة؛ وهذا ما يفسر أنه لماذا بين فترة وأخرى يغير إسم حرب غزة؛ حيث تارة يشير إليها بوصفها جزء من حرب إسرائيل على الجبهات السبع؛ وتارة ينظر لكونها حرب إسرائيل لتغيير الشرق الأوسط؛ وبين فترة وأخرى يكرر محاولته فيطلق عليها حرب النهضة أو بتعبير أدق حرب بعث إسرائيل؛ ولكن قياديي تحالفه اليميني لا يأخذون بهذه التسمية لأنهم يعرفون أن غاية نتنياهو منها هو أن يسند لنفسه دون غيره صفة أنه الذي يصنع النصر المطلق لإسرائيل ويبعث روحها من جديد..
أما الأمر الثاني الذي يحاول أن يوحي به نتنياهو هو أن زعامته لا تنتمي لجيل زعماء إسرائيل الحديثين بل تنتمي لقدماء الزعماء الإسرائيليين الذي سيرتهم الذاتية هي في جزء منها واقعية وفي جزء آخر أسطورية؛ ومن الأمثلة على ذلك شمعون بار كوخبا الذي قاتل الإمبرطور الروماني عام ٣١٥ ميلادياً لأنه أقام معبد على أنقاص الهيكل اليهودي في القدس حسبما تقول السردية اليهودية.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم داخل إسرائيل قبل أن يكون هذا السؤال مطروحاً أيضاً في العالم العربي هو ما مستقبل إسرائيل مع نتنياهو؟؟:
هناك عدة إجابات:
إيهود أولمرت أحد رؤوساء حكومات إسرائيل السابقين يتصور واحد من سيناريوهين إثنين: إما النجاح بتنظيم تظاهرة تضم مليون إسرائيلي وهو أمر لم يحصل حتى الآن وقد لا يحصل وإما دخول إسرائيل في حرب أهلية.
يائير لابيد زعيم المعارضة يتصور أن السيناريو المقبل في ظل استمرار نتنياهو في الحكم هو إقدام اليمين على اغتيال روني بار كما قتل اليمين الإسرائيلي الكهاني إسحق رابين العام ١٩٩٥ تحت أنظار الإسرائيليين في الشارع..
إسرائيل اليوم في مخاض داخلي خطر ولكن الخطر الأكبر يكمن في أن نتنياهو قد يكون مضطراً لأن يصدر أزمته الكبرى الداخلية إلى الخارج فيفتعل حدثاً أمنياً أو عسكرياً ضخماً في غزة أو في لبنان أو في مكان آخر لا يمكن توقعه على وجه الدقة!!