خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
هناك صعوبة في عملية متابعة المفاوضات الأميركية الإيرانية، وذلك من عدة زوايا؛ أهمها أن ما يقال داخل قاعات التفاوض المغلقة لا يتم التعبير عنه بالضرورة في التصريحات التي تعلق على ما يحصل داخل هذه القاعات..
أضف لذلك أن إدارة ترامب تتعامل مع بياناتها وفق منطق الصيف والشتاء على سطح واحد؛ إذ أن كلام الظهر يمحي كلام الصبح وكلام الليل يمحي كلام النهار؛ كما أن “حائك السجادة” الإيرانية يتكلم مواربة وتلميحاً، وحينما يصرح يخفي ما يضمره بين ثنايا صوته المسموع.
وهذه المواصفات لكل من إدارة ترامب وللجانب الإيراني تحتم على المراقب أن يبحث عن طريقة خاصة حتى يتابع بها المفاوضات ذات الطبيعة الخاصة بين إدارة ترامب وحائك السجاد الإيراني؛ وأفضل طريقة يمكن استنباطها على هذا الصعيد هي عدم اتباع أسلوب متابعة التفاوض بين الطرفين أو استراق السمع لما يدور بينهما لمعرفة ما يمكن أن يصلا إليه من نتائج؛ بل النظر الى النتائج المحتملة لهذه المفاوضات من ثقب الدوافع الموجودة لدى الطرفين للتوصل إلى اتفاق؛ بمعنى آخر إن طرح سؤال لماذا تريد إيران، وما هي دوافع إيران للتوصل لاتفاق هو أمر يؤدي لمعرفة ما إذا كانت إيران تريد الوصول لنتائج سعيدة أم أنها تمارس مع ترامب رياضة تبديد الوقت الصعب؛ ونفس هذه المنهجية في طرح سؤال ما هي الدوافع(؟؟)؛ ينطبق أيضاً على إدارة ترامب وقياس حقيقة رغبته بإنجاح المفاوضات..
إن أهم دافع لدى إيران لإنجاح هذه المفاوضات هو أنها تريد الخروج من أزمتها الاقتصادية بمقابل أن أهم دافع لدى ترامب لإبرام اتفاق مع إيران هو أنه يريد إشباع شهيته للحصول على حصة الأسد من كعكة ثروات إيران الهائلة.
.. وحتى هذه اللحظة فإن أهم سبب يدفع المراقب لتوقع نجاح المفاوضات الأميركية الإيرانية هو وجود تقاطع بين مصلحة إيران التي تريد الخروج من أزمتها لفتح باب الاستثمارات في قطاعاتها الهائلة، بمقابل رغبة ترامب في أن يستثمر في هذه القطاعات الإيرانية؛ وعليه فإن فتح الاستثمارات الإيرانية ورغبة ترامب بالاستثمار فيها هي نقطة تقاطع كبيرة بين الإدارة الأميركية الترامبية وبين الإدارة الإيرانية.
والسؤال الآن هو هل تدخل إيران عصر الطفرة الاقتصادية التي ستسود العالم كنتيجة للحرب التجارية العالمية؟؟. بمعنى آخر هل العالم يتجه لمنظومة اقتصادية جديدة وقيم سياسية جديدة بحيث سيكون لإيران ضمن مواصفات هذه المرحلة دوراً كبيراً داخل عالم يطلق عليه عالم ما بعد العولمة وما بعد الليبرالية؟؟!