خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
بعيداً عن ما يجري حول انتخابات بلدية العاصمة وبعيداً عن مشكلة كيف ينتخب مواطنو الحافة الحدودية في الجنوب؛ يظل للانتخابات البلدية بحد ذاتها خلفيات أخرى لا تقل أهمية عن ما هو مثار بخصوص بلدية العاصمة وبلديات قرى وبلدات منطقة الحافة الجنوبية المدمرة..
من هذه الخلفيات المهمة هو أن إجراء هذا الاستحقاق في وقته هو رسالة عن عودة انتظام تداول السلطة بحسب ما يقوله الدستور وليس بحسب مصالح الساسة وأحزابهم وحساباتهم.
زد على ذلك أن الانتخابات البلدية هي أقرب استحقاق يترجم ويجسد علاقة الشعب بالديموقراطية؛ فهذا الاستحقاق يصل لأصغر وحدة اجتماعية في الديموغرافيا اللبنانية وهي “الحي” الذي منه يتشكل اجتماع القرى والبلدات والمدن وصولاً للوطن. فالمختار المنتخب من الحي هو القاعدة الأم للديموقراطية وللسلطة بمعناها الديموقراطي؛ وحينما ينجح المتنفذ بتزوير إرادة الحي بهذه الطريقة أو تلك، وينجح بإيصال مختار يمثل نفوسه وليس إرادة أبناء الحي الحرة؛ فهو بذلك يكون نجح في إفساد الجنين الديموقراطي وهو في مهده أي وهو لا يزال في الحي الذي يعبر عن أصغر وحدة في الاجتماع الوطني اللبناني. فالمختار الذي وصل إلى موقعه بقوة الفاسد يصبح مفتاحاً انتخابياً في انتخابات فاسدة فيما المختار الذي وصل للمخترة بإرادة أبناء الحي الحرة يكون مختار المخاتير وباب العلاقة البديهية بين المواطن والدولة..
.. من صندوقة انتخابات المختار تبدأ رحلة الالف ميل لبناء سلطة ديموقراطية سليمة؛ وعليه فإنه قبل صلاحيات المختار يجب التأكد من حسن عملية انتخابه ومن أنها جرت فوق أرض اقتراع محايدة وفي مناخ اقتراع حر لا يوجد أي نوع من الضغوطات فيه.
الشعب يريد مختاراً نظيفاً ويصل بانتخابات نظيفة ويتم الاقتراع له خارج أي ضغوط.. ويجب أن يبدأ نجاح الاستحقاق الانتخابي البلدي من تحت (إدارياً وليس المقصود معنوياً) إلى فوق؛ وذلك على عكس الانتخابات البلدية التي تبدأ حساباتها بالعادة من فوق حيث يوجد طابخو حسابات تحالفاتها إلى تحت حيث يوجد آكلو السم المطبوخ (أي المواطنين)..
والناس تتوقع أنه بعد انتخاب مختار بإرادة حرة من أبناء الحي الوحدة الصغرى للاجتماع اللبناني، سيكون على الحكومة ان تتطلع لإعداد قانون انتخاب عصري عادل جديد يؤمن انتخاب نائب بإرادة حرة من الشعب..
لعل أهم مهمة تواجه العهد والحكومة هي النجاح في قطع مسافة نزاهة التمثيل الحر بين انتخاب مختار بإرادة الحي الحرة ونائب بإرادة الشعب الحرة..