خاص الهديل…
بقلم: ناصر شرارة
في ظل ما نحن عليه من سباق بين الزمن والعلم؛ صار يمكن للمراقب التكهن بوضوح أكثر؛ وبات الأعم الأغلب من اللبنانيين لديه فضيلة التوقع؛ وهذا قانون بات يسري على الوضع في لبنان كما يسري على الوضع في أي بلد آخر؛ ويسري على مستقبل الصراع على الحدود اللبنانية الفلسطينية المحتلة كما يسري مثلاً على مستقبل الصراع على الحدود بين الهند وباكستان!!.
استطراداً هناك مصطلح صار معاشاً إسمه “السياسة التقنية”. وبموجبها أصبح يستطيع مثلاً ايلون ماسك في واشنطن وخليل شحادة وزير الذكاء الاصطناعي في بيروت أن يشرحا بنفس الأريحية والوضوح ما هو قادم..
كل ما تقدم يريد الوصول إلى فكرة لا تزال مسافرة في لبنان وهي كيف نتوقع في لبنان بخصوص من سيكون له قصب السبق: الإعمار أولاً أم سحب سلاح حزب الله أولاً(؟؟)..
مبعوثة ترامب إلى المنطقة السيدة أورتاغوس تقول أعطوني السلاح حتى أعطيكم الإعمار والمساعدات الخ.. فيما الشيخ نعيم قاسم يقول أعطونا التلال الخمس والإعمار حتى نعطيكم حواراً حول مستقبل السلاح؛ أما الرئيس بري فيقول ليس الآن موعد سحب السلاح؟!، والعرب يقولون لا مساعدات قبل سحب السلاح؛ فيما رئيس الجمهورية يقول انتظروا عليّ حتى نهاية العام؛ بقي الرئيس نواف سلام المتحرر من شرط الوقت لمصلحة القول مع الرئيس عون أن احتكار الدولة للسلاح هو قرار أصبح على الطاولة..
المعادلة تبدو مرتبكة بمثلما هي غير مستحيلة؛ وتبدو غامضة بمثلما هي واضحة ومفادها أن من لديه السلاح يقول أريد الإعمار أولاً؛ في حين أن من لديه قرار الإعمار وأموال الإعمار يقول أريد نزع السلاح أولاً!!. أما الدولة فتقول ضمناً الشيء الذي لا يقوله الطرفان وهو أن سحب السلاح هو عملية سياسية بامتياز وليس عملية أمنية وعسكرية.
..حتى إسرائيل التي تملك أقوى جيش في المنطقة منقسمة بداخلها إلى قسمين: قسم يقول إنه يمكن تفكيك سلاح حماس من خلال الضغط العسكري؛ بينما يقول القسم الأكبر أن الحل هو بعملية سياسية يسمونها اليوم التالي في غزة.
طبعاً لا يوجد شبه لا معنوي ولا سياسي بين ما يحدث مع حماس في غزة وما يحدث مع حزب الله في لبنان؛ لكن ما يستدرج المقاربة هو التناقص بين منطق يريد الغرب أن يجعله سارياً في لبنان على سلاح حزب الله رغم أنه يرى أنه فاشل في التعامل مع سلاح حماس في غزة..
وإذا كان مسار إطلاق الأسرى بصفقة وبتفاوض ومن ثم هدنة طويلة تؤسس ليوم ثانٍ في غزة هو مشروع العالم – عدا نتنياهو – في غزة؛ فلماذا لا يكون نفس هذا السيناريو هو الذي يتبعه العالم في لبنان: أي أن تشجع الدول المعنية بدعم عملية سياسية تثبت وقف النار وتساعد العهد على إطلاق عملية سياسية لبنانية داخلية يكون حزب الله أحد عناوينها.. المطلوب هو يوم سياسي ثان في لبنان محلياً ودولياً وإقليمياً وليس يوماً أمنياً طويلاً يعرض البلد لسنين من الانهيار الأمني..