خاص الهديل…
قهرمان مصطفى…
تتوالى الأزمات والتحديات على الساحة السورية بشكل متسارع، في مشهد لا يكاد يهدأ حتى يشتعل مجدداً؛ وكما يقول المثل: “المصائب لا تأتي فرادى”، فإن ما يشهده الداخل السوري اليوم يؤكد هذه المقولة بوضوح.
من الشرق إلى الغرب، تبدو البلاد على صفيح ساخن؛ ففي الشرق، حيث المناطق ذات الغالبية الكُردية، شهدت مدينة القامشلي مؤخراً مؤتمراً موسعاً لعدد من الأحزاب الكردية، لم تقتصر على الأحزاب لكردية السورية فحسب؛ بل غنما شهد تواجداً لأحزاب كردية من تركيا والعراق وإيران.. حيث خرج بنتائج قد تكون فارقة في مستقبل سوريا. فللمرة الأولى، يتم الإعلان بشكل صريح عن المطالبة بحكم لا مركزي، أو بصيغة أقرب إلى الفيدرالية؛ فعلى الرغم من أن هذا الطرح، الذي كان يُهمس به خلف الأبواب المغلقة، بات اليوم على الطاولة، وبوثيقة رسمية تبناها المؤتمر.
المثير للانتباه هو حضور عدد من المسؤولين الأميركيين لهذا المؤتمر، وهذا ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول الموقف الأميركي من المسألة الكُردية، خاصةً في ظل ما كان يُعتقد بأنه تراجع من واشنطن عن دعمها التقليدي للأكراد.
من جانبها، الحكومة في دمشق لم تغيب عن مراقبة عما صدر عن المؤتمر الكُردي، حيث اعتبرت الرئاسة السورية أن وحدة سوريا “خط أحمر”، ودعت قيادة “قسد” وشركاءها إلى الالتزام الصادق بالاتفاق وتغليب المصلحة الوطنية العليا، بعيداً عن أية حسابات ضيقة أو أجندات خارجيةن مؤكدة في الوقت ذاته أن الحل في سوريا يجب أن يكون سورياً ووطنياً شاملاً، يستند إلى إرادة الشعب، ويحافظ على وحدة البلاد وسيادتها، مع رفض أي شكل من أشكال الوصاية أو الهيمنة الخارجية.
في المقابل، لا تقل الجبهة الغربية اشتعالاً؛ فهناك في الساحل السوري – المعقل التقليدي للطائفة العلوية التي تنتمي إليها عائلة الأسد – بدأت تحركات مريبة لفلول النظام السابق. الجميع يذكر ما شهدته المنطقة من مواجهات دامية في الفترة الماضية، والتي راح ضحيتها عدد كبير من أبناء الطائفة نفسها. حينها، وعدت حكومة الجديدة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، إلا أن التقرير المنتظر لم يرَ النور حتى اللحظة، رغم الدعوات الدولية المتكررة للإفصاح عنه.
الجديد – وربما الأخطر – هو عودة رامي مخلوف إلى الواجهة السياسية من جديد، بإعلانه تشكيل “خلايا النخبة”، بالتعاون مع العميد سهيل الحسن، المعروف بلقب “النمر”، وهو الاسم الذي ارتبط بانتهاكات واسعة خلال عهد بشار الأسد.
وعليه فإن التحالف بين مخلوف والنمر يفتح الباب أمام سيناريوهات مقلقة، لا سيما في منطقة الساحل، حيث التوتر الطائفي والخوف من عودة مسارات الصراع الداخلي إلى الواجهة؛ فبمجرد الإعلان عن هذه التشكيلات المسلحة، يثير القلق من إمكانية إعادة إنتاج العنف والانقسام.
خلاصة القول، المرحلة المقبلة في سوريا تبدو حبلى بالتحولات، وربما المفاجآت، حيث تتقاطع الأجندات الداخلية مع التدخلات الخارجية، في ظل غياب مشروع وطني جامع قادر على احتواء التصدعات التي تتسع يوماً بعد آخر.