خاص الهديل….
كتب بسام عفيفي
تصل اليوم إلى مطار الرئيس الشهيد رفيق الحريري ثلاث طائرات إماراتية تنفيذاً لقرار رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رفع الحظر عن سفر الإماراتيين إلى لبنان ابتداء من يوم السابع من أيار.
القرار الإماراتي جاء كنتيجة للزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية جوزاف عون للإمارات والتي جرى خلالها بحث كيفية مواكبة الإمارات للجهود الحميدة التي بدأت في لبنان مع العهد الرئاسي الجديد باتجاه تحقيق عدة أهداف هامة تتمثل باستعادة الدولة واستعادة لبنان لعلاقاته الخارجية وبمقدمها العربية وأيضاً استعادة الأمن والقانون داخل لبنان.
طبعاً رغم قرار دولة الإمارات حظر سفر مواطنيها إلى لبنان إلا أن العلاقات بين البلدين لم تدخل دائرة الشلل بل استمرت زاخرة على غير صعيد؛ خاصة وأن إجراء حظر السفر إلى لبنان، لم يكن قراراً سياسياً إماراتياً ضد لبنان، بل كان قراراً أمنياً أملته ظروف لبنان التي لم تكن طبيعية وغير آمنة. وفي اللحظة التي شعرت فيها دولة الإمارات أن الدولة في لبنان بدأت تتعافى وقررت الإمساك بناصية حماية أمنها الداخلي رفعت قرار حظر سفر مواطنيها إلى بلد الأرز.
والواقع أن لبنان وفي خطوة يجدر التوقف عندها إعلامياً وسياسياً؛ قرر أن يكون هذا الصيف هو صيف أمن لبنان السياحي وليس فقط موسم سياحة صيف ٢٠٢٥.
.. ولمعرفة ماذا يعني وصف هذا الصيف بأنه “صيف الأمن السياحي” يجدر التوقف عند النقاط التالية:
أولاً- يعتبر لبنان بلد الاصطياف العربي منذ مطالع القرن الماضي؛ فبلدات جبال لبنان عادة ما كانت في كل صيف تصبح بلدات السائحين العرب وبخاصة من دول الخليج؛ وتمتاز السياحة في لبنان بأنها لا تقدم فقط خدمات سياحية أنيقة ومهنية وذات جودة؛ بل بأنها أيضاً تقدم لضيوف لبنان السياح ضيافة عائلية؛ بمعنى أن هناك قسماً غير قليل من مقاهي وفنادق ومطاعم المصايف هي مطاعم عائلية تقوم فيها العائلة اللبنانية بتقديم الضيافة للسائح؛ ولذلك نسمع الكثيرين من السياح العرب الذين يقولون نحن نعود كل صيف لنلتقي في لبنان مع عائلات أصبح بيننا وبينها “خبز وملح” ومعرفة شخصية ومودة إنسانية.. ولبنان بهذا المعنى يقول للسائح العربي أهلاً بك بين عائلاتك اللبنانية وليس فقط أهلاً بك في ربوع طقس خلاب، وجبل يسامر النجوم، وبحر له زرقة عيني المتوسط الجميل.
ثانياً- الأمن في لبنان هو مسؤولية الدولة في الفصول الأربعة وفي كل وقت وليس فقط في فصل الصيف، وفي موسم السياحة؛ هذا صحيح وبديهي؛ ولكن لأن لبنان بلد عريق على خارطة السياحة في العالم؛ فإن إجراءات الأمن خلال موسم السياحة تصبح أكثر من واجب وطني طبيعي؛ بل تصبح واجباً استثنائياً وذلك كون السائح الذي اختار لبنان من بين مئات الدول ليقضي الصيف في ربوعه، يجب أن يحصل على حماية ورعاية تجعله يثق بأن قراره بالاتيان إلى لبنان كان صحيحاً ويستأهل أن يكرره مرات قادمة.
أمن السياحة في لبنان هو أهم مظهر يجب أن يواكب موسم صيف ٢٠٢٥؛ يجب أن ينعم السائح “بجمال لبنان” و”حسن ضيافته” و”دفء الأمن والأمان فيه”. ويجب اعتبار العوامل الثلاثة هذه هي ثلاثية لبنان الذهبية السياحية.
ولا يعني “الأمن السياحي” فقط حماية أمن السائح الشخصي؛ بل أيضاً حماية أمنه السياحي؛ أي مكافحة تعرضه للغش ولاصطياد ماله بصنارة الفواتير العالية الأسعار بل الخيالية الأسعار.. إن أمن السياحة يجب أن تواكب امان السائح؛ ذلك أن لبنان ليس بلد نزهة بل السياحة فيه صناعة وتقليد وجزء من دخله القومي وأمنه الاقتصادي القومي؛ فالمطعم أو المقهى الذي يغش السائح إنما يرتكب ضرراً بأمن السياحة اللبنانية.
قصارى القول أن لبنان بانتظار السائحين العرب الخليجيين وهو يعد بصيف دافء ويفتح صفحة جديدة في العلاقات بين بلد الأرز وبلاد الخير العربية.. فهذا العام يجب النظر في لبنان وفي الدول العربية إلى موسم سياحة لبنان عام ٢٠٢٥ على أنه يخدم ويتمم جهود إعادة العلاقات اللبنانية العربية إلى سابق عهدها بعد أن توفرت الفرص لإنهاء أسباب مرحلة التوترات السابقة في هذه العلاقات؛ وعليه فإن موسم صيف لبنان ٢٠٢٥ هو “موسم دبلوماسية السياحة” اللبنانية الناجحة تجاه العرب، والعكس صحيح.