خاص الهديل….
بقلم: ناصر شرارة
يمكن وصف حال العالم في هذه الأيام بل في هذه الساعات أنه في حالة انتظار ليس فقط مجموعة أخبار جديدة ضخمة وليست من النوع العادي؛ بل هي مجموعة من المفاجآت الجديدة والاستثنائية التي تحدث مرة كل عقد أو أكثر؛ وتترك ردود فعل كبيرة.
وهذا التوصيف للحظة الراهنة التي يوجد العالم فيها الآن يسمح للمراقبين بتوقع أنه بعد سنوات كثيرة سيكون ممكناً لأي شخص أن يتفاخر قائلاً: أنا من الجيل الذي عايش أحداث شهر أيار ٢٠٢٥ الاستثنائية!!
.. أقله هذا الانطباع عما سيجري خلال هذه الأيام أوصله للعالم ترامب حينما قال أول من أمس أن لديه مفاجآت وقرارات إيجابية لم يحدث شبيهاً لها منذ سنوات؛ ولكنه لن يقولها للتو؛ بل سيطلع العالم عليها يوم الخميس أو الجمعة أو السبت!!
قبل تحليل كلام ترامب وبعيداً عنه؛ يجدر الاعتراف بأن أحداث أيام أيار ٢٠٢٥ الحالية هي فعلاً أحداث استثنائية؛ وسيتم ذكرها في قادم الأيام على أنها كانت مميزة ومختلفة في تاريخ العالم؛ وإذا تم استعراض أبرز هذه الأحداث الاستثنائية عدا ما يوجد في علبة مفاجآت ترامب؛ سيتصدر المشهد حدث انتخاب بابا جديد للفاتيكان. وهذا أمر لا يحدث كل عام؛ وهو لا يحدث إلا مرة كل عقد أو عقدين، ولا شك أنه يترك في أثره ردود أفعال عالمية كبيرة ومهمة وعميقة.
.. أما الحدث الثاني فيتعلق بتفجر صراع عسكري بين الهند وباكستان؛ وهذا حدث يتم في فضاء قنبلة نووية موقوتة لا يسمع العالم “تكتكات” ساعتها إلا مرة كل عدة سنوات؛ والعالم في أيام أيار ٢٠٢٥ يسمع صوتاً قادماً من “ساعة منبه” اللحظات النووية الباكساتنية الهندية.. كما أن وقف الحرب الأميركية على اليمن هو حدث غير قليل وسوريالي من وجهة نظر المنهجية العلمية التاريخية؛ فعادة الحروب الأميركية ضد دول العالم الثالث الكبيرة تستمر سنوات وتتخللها أحداث ضخمة؛ ولا تنتهي إلا بعد أن تثور الولايات المتحدة الأميركية من داخلها على قرار الحرب؛ أما في حرب ترامب الأميركية على اليمن فهي لم تدم إلا ايام؛ وبالبساطة التي أعلن فيها ترامب بدئها أعلن فيها ترامب إنهائها!!؛ والعالم حيال تصرفه هذا لم يعط فرصة كافية كي يعرف بعمق لماذا بدأ ترامب الحرب على صنعاء؛ ولماذا أوقف ترامب الحرب على صنعاء؟؟. وقريباً من هذا الحدث الترامبي يوجد كلام قاله ترامب لرئيس وزراء كندا عن رغبته بضم كندا للولايات المتحدة الأميركية. بايدن وصف إعلان ترامب هذا صراحة أمام ضيفه الكندي بأنه يعبر عن إسفاف غير مسبوق وصلت إليه السياسة الأميركية.
وبالعودة للحدث المفاجآة الذي وعد ترامب العالم بأنه سيفصح عنه خلال هذا اليوم أو غداً أو بعد غد؛ فإن السؤال الأساسي والتقليدي هو بالطبع ما هو هذا الحدث أو هذا القرار الذي سيتخذه ترامب الذي وصفه بأنه غير مسبوق؛ ولماذا لا يقوله الآن طالما أن فرق الوقت بين الإدلاء به في هذه اللحظة أو بعد يوم أو يومين لا يمثل فارقاً زمنياً يعتد به أو يمكن أن يبنى عليه توقع حصول تحولات سياسية تجعل لقراره الموعود وقعاً سياسياً أفضل!؟.
لم يبق أمر لم تجربه واشنطن مع الشرق الأوسط؛ فهي جربت تجريد حرب عسكرية أو سياسة على بلدانه؛ وجربت إطلاق مبادرات لحل القضية الفلسطينية مرات كثيرة؛ وعليه، لا يمكن لترامب أن يعتبر أن إطلاقه تهديد بحرب أو مبادرة لحل القضية الفلسطينية هو أمر جديد وسيفاجأ العرب والفلسطينيين.
يجري تكهن بأن ترامب قد يفرض وقف إطلاق نار فوري وحتى هدنة طويلة في غزة وبين الفلسطينيين والإسرائيليين كهدية للعرب الذين سيستقبلونه بعد أيام.. هذا التكهن مشوب بالحذر؛ لأن تجربة الأميركيين مع المنطقة علمتنا أن قرار الحرب والسلم مع الفلسطينيين هو قرار إسرائيلي؛ ويظل إسرائيلياً وحتى لو أعلن هذا القرار على لسان رئيس الولايات المتحدة الأميركية.. وإسرائيل في هذه المرحلة لديها مشروع حرب طويلة مع الفلسطينيين هدفه الأساس منع التسوية معهم..
وعليه يبقى السؤال عن ماهية هذه المفاجآة؟؟.
هناك تقدير يقول أنه سيكون فعلياً هناك مفاجآة يعلنها ترامب؛ ولكن هذه المفاجآة لن تتعدى كونها قنبلة كلامية.
يضيف هذا التقدير أن ترامب على ما يبدو خضع لنصيحة من مستشاريه تقول له انه منذ وصوله للبيت الأبيض وهو يطلق مبادرات وقرارات وتصريحات طابعها سلبي وهجومي وتهديدي؛ ولكثرة ما فعل ذلك استنزف جزء من رصيد هيبته العالمية؛ ولذا بات مطلوباً منه أن يظهر على العالم بوصفه رئيساً لديه أيضاً مفاجآت إيجابية وتترك ردود فعل متفاءلة في أرجاء العالم.
ساعات قليلة و”يبق ترامب البحصة”.. وعلى قول اللبنانيين: “يا خبر اليوم بفلوس بكرا ببلاش”!!