بعد الانتخابات البلدية.. هل يمهّد ميقاتي لمرحلة سياسية جديدة في طرابلس؟
في زواريب الميناء الطرابلسيّة، لم يُسمع ضجيج معارك انتخابية كبيرة، لكن رائحة التحضير كانت تملأ الأجواء في الأسابيع التي سبقت الاستحقاق البلدي. فمن راقب حركة نجيب ميقاتي حينها، أدرك أن شيئاً ما كان يُطبخ بصمت.
رئيس الحكومة السابق، المعروف بقدرته على دخول المعارك السياسية من أبوابها الخلفية، تحرّك بهدوء في قلب طرابلس.. لا مهرجانات، لا خطابات نارية، فقط لقاءات “خاصة” ومداولات “مدروسة” جمعته بشرائح متنوّعة من المجتمع الطرابلسي: من رجال دين، إلى نقابيين، إلى مخاتير ومدراء مدارس، وصولاً إلى قادة لوائح انتخابية ناشئة.
وبالفعل، أُنجز الاستحقاق البلدي، وبرزت نتائج تُظهر توازنات جديدة في المدينة، إلا أن الأضواء لم تُسلّط فقط على الفائزين، بل أيضاً على الدور الذي لعبه ميقاتي في الكواليس، والدعم المعنوي الذي قُدّم لبعض اللوائح، خصوصاً “رؤية طرابلس”، التي قيل إنها عكست “نهجه المتزن” ورؤيته التشاركية.
مفارقة لافتة أن ميقاتي لم يظهر بوجه انتخابي تقليدي؛ بل بدا كمن يضع خارطة إنقاذ إداري وإنمائي لطرابلس، من خلال تشجيع التوافق وتغليب منطق التطوير على التحدي والمزايدة.
فهل كان هذا مجرّد تموضع بلدي؟ أم تمهيد لعودة أكبر إلى المشهد السياسي الوطني؟ وهل تكون الانتخابات البلدية بداية لتشكّل جبهة طرابلسية جديدة برعاية “ميقاتية”، قادرة على ملء أي فراغ محلي أو حتى وطني، مع اقتراب الاستحقاقات المقبلة؟
الأسئلة تتكاثر، والتحليلات تتعدّد، لكن الأكيد أن ميقاتي تعمّد أن يجيب بالأفعال لا بالكلام.. وأن طرابلس، كما كانت دائماً، تُقرأ من حراك رجالاتها لا فقط من عناوين الصحف.